لماذا ندمر نجاحاتنا؟

سؤال "لماذا ندمر نجاحاتنا؟" يعكس الصراع الداخلي الذي يعيشه الكثيرون عندما يواجهون تحديات أو صعوبات في الاستمرار في النجاح. يعود هذا التدمير الذاتي أحيانا إلى مشاعر الخوف من الفشل أو القلق من التغيير....

صورة تعبر عن لعبة الحياة
صورة تعبر عن لعبة الحياة

تحاول الأنا المزيفة أن تلهينا عما يحدث حقا في واقعنا من خلال الدفع بنا لإلقاء اللوم على الآخرين أو النظم والأشياء أو الظروف، ذلك أننا باكتشاف الحقيقة نهدد وجودها الذي يتغدى على الزيف مستعينا بالحاجة للحماية، في حين أن حقيقة هاته الحماية ليست سوى تدمير وتخريب ولا شيء فيها يدل على الحماية أو الحفظ أو التحصين، وكيف لها ذلك وهي التي لا تحقق شيئا في واقعنا سوى الجمود! والجواب على سؤال كيف تفعل ذلك يأتي تاليا على شاكلة أربع ممارسات خطيرة نقوم بها حين يتعلق الأمر بما يمكن أن نحققه

نخاف الفشل:

تدفع بنا الأنا المزيفة للخوف من الفشل لأسباب كثيرة جدا ومتنوعة، فمن الرغبة في الاستحسان التي تجعلنا نتجنب كل ما يمكن أن يجلب إلينا النقد والاتهام بما يمكن أن يتهم به كل إنسان مهما على أو دنا شأنه، إلى محاولة التقليد لمحبوب ما كأحد الأبوين أو الأجداد أو الأخوة أو أحد النماذج في الواقع الوهمي

إنها فعلا عديدة أسباب الخوف من الفشل، وليس يحضر لحظة التفكير في خطوة ما أو إنجاز عمل ما أو مشروع ما، بل إن الخوف من الفشل يحدث مع صاحبه حتى وهو في قمة نجاحه، لأن المسألة في الحقيقة لا تتعلق بالخوف من الفشل بقدر ما هي تتعلق بالحب الأنوي الذي قد يؤدي إلى الخجل أو الغضب أو احتقار الذات أو الحزن أو الشعور بالذنب، إنها كثيرا ما تأتي على شاكلة خوف من شيء ما، لكن الحقيقة هي أنها واحدة أو عدد من هاته المشاعر وغيرها التي ورثناها من الماضي

نخاف النجاح:

ما قيل في الخوف من الفشل يمكن قوله عن الخوف من النجاح، فهما حقا يتشابهان في الأسباب وحتى النتائج

آمل أنك لا تجد هذا غريبا لأن هذا حقا ما يحدث، فنحن كثيرا ما نريد ما لا نريد، وأكثر من ذلك لا نريد ما نريد، إنها عملية معقدة لكنها ليست حقا بقدر حجم التعقيد الذي عليه البرمجيات التي تعرضنا لها، ذلك أنها تظهر عادية في حين أنها آفتنا المغلفة بأجمل الأغلفة

من الجميل أن الوهاب لم يتركنا لحالنا بمواجهة هذا الواقع المزيف، ومنحنا الكثير مما يمكن أن يساعدنا على التحرر من كل ذلك الهراء

نشعر بعدم الاستحقاق:

لقد تحدثت كثيرا عن هذا الموضوع في مقالات سابقة يمكن العودة إليها للتوسع في هذا الباب، لكن لا بأس من الإشارة أن النعوت والتوصيفات والمقارنات التي تعرضنا لها في الصغر، وحتى البيئة التي كبرنا فيها إضافة للوالدين كلها عناصر مساهمة في غياب شعور الاستحقاق لدينا

هذا الإحساس الغير عادل والمتناقض مع الفطرة ومع حقيقة كياننا اللامحدود الذي وهبه القدير كل شيء فقط ليكون مطمئنا، يتسبب لنا في الكثير من الارتباك في شتى مسارات حياتنا، حتى أنها ترتبك بنا الظنون، فنشرع الشك في أنفسنا وفي علاقتنا بالقدير، لكن الوعي بما يحدث معنا يعيدنا مثلما يقال لجادة الصواب

نعيد سيناريوهات الأنوات الماضية:

إعادة سناريوهات الماضي هي واحدة من العمليات اللاواعية واللاشعورية التي نقوم به، ونحن لا ننتبه سوى لحدوث سيناريوهات متشابهة ولا نهتم أنها امتداد لحدث قديم من الماضي لازال يبحث عن طريقة أكثر قسوة لننتبه له

في الحقيقة هي مجرد عملية تذكير بأن هناك جرحا ما في مكان ما في زمان ما يريدنا أن نطلق سراحه، لكننا حين نتجاهله يعيد تكرار نفسه من خلال تجارب أخرى أكثر قسوة وشدة إلى أن يتم الانتباه له ومعالجته

لذلك تجد الكثير من العلاقات والمؤسسات والشراكات تنهار دون سابق إنذار وفي غفلة من المعنيين بها، والحقيقة أنه ليس هناك ما يسمى دون سابق إنذار فهي عملية تسبقها الكثير من الإشارات والتنبيهات لكن التجاهل هو ما يجعل الأمر يحدث وكأنه أمر مفاجئ

مثلما سبق الحديث عنه هنا وفي مقالات أخرى، فالأمر كله منوط بنا وليس بأحد آخر غيرنا، نحن نستطيع أن نتعافى ونحقق ما يمكن أن يظهر على أنه مستحيل، ويمكن أن ننجز المعجزات ونخلق الأثر العظيم إن نحن حقا اخترنا ذلك وقمنا بعمليات التحرر التي تنظف كل الغبار الذي يمنع إشعاعنا