أقوى أنواع الضعف

في هذا المقال عن الضعف لن نمجد الانكسار والهشاشة، بل نفتح بابا عظيما لتفعيل مصدر للسلام مع نسختنا المثالية ونطمئن لها، هنا حيث يفتح قلب الإنسان لرحمة الله فيمنح القوة الحقيقية التي لا تقهر ويتم تجاوز الوهم وسخريات القدر المزيف

الوعي الفائق

صورة بالذكاء الصناعي متخيلة عن تقدير الحياة
صورة بالذكاء الصناعي متخيلة عن تقدير الحياة

ما قد يفعله الإنسان لأجل ألا يبدوا ضعيفا أو أقل من هو فعلا أمر رهيب يعجز العقل عن عقله، فنحن ننسى إن لم نكن نجهل بأن أصل هذه التجربة هو اختبارها لنتجلى بأفضل احتمال وليس مصارعة الضعف أو الإسهام في الضعف وخلق المزيد من أشكاله وأوجهه كما تفعل الكيانات الظلامية، وبغض النظر عن سعي الكيانات الظلامية فمما يمكن أن يجعلها تجربة تستحق الذكر هو الوعي بأن الضعف إنما يكون أمام الله ومن لا يفهم هذا يفتن بالضعف والانشغال به، وإذا ما علمنا هذا انتزعنا الثقة من كل ما نبجل من فكر وبشر وكيانات، فالثقة هي نفسها حق الله وإذا ما منحت لغيره كرس الضعف وهيمنت الأنا كالسوس ينخر عضد المؤمن

الدعوة هنا هي أن المرء القوي الحق هو من يقبل على الله بكل ضعفه وعلى الحياة بكل أشكال التشريف لكيانه المكرم، إذ من حقه الاستمتاع بالحياة والتجربة وتغذية كل ذلك بالامتنان، الضعف هو جزء لا يتجزأ من تجربة الإنسان لكن ليس أمام غير الله، ورفض التطور والتنعم بهذه التجربة هو شكل من أشكال الضعف التي تخلق سلسلة احتمالات غير منتهية من الضعف مثله مثل السعي في خلق الضعف لدى الآخرين

من الجيد الاعتراف بأننا خلقة معرضة للخطأ والتقصير ومصدر قوتنا وشفاء تقصيرنا إنما هو الله ومن الضعف إنكار هذا، ولأجل ذلك يكون الضعف فرصة لاستقبال القوة من الله، إن هذه القوة ليست كقوة العضلات أو القوة العقلية البارعة بل هي الثقة واليقين بالله التي تكسر كل أشكال الوهم في النفس وترقيها من أمارة بالسوء ولوامة إلى المطمئنة ثم التي تليها ثم التي تليها...، وأي كيان يستهدف في الناس هذا فهو موعود بالهوان والغواية

إن الثقة الحقيقية هي الثقة بالله لا بأنفسنا ولا بقدراتنا الخاصة والتي هي نفسها هبات من الله، ونحن حين نعتمد على ما وهبنا الله ونجعل له سلطة وحقا من حقوق الله فإنما نكرس الضعف وكذلك شأن من يستغل هبات الله في قهر عياله، وإن كان الحال هكذا فإن من يرعى أمانة الله في عياله موعود إذا بالمزيد من أشكال القوة، فالحياة تقدم لنا العديد من الفرص للتجربة والتعلم والنمو ونحن بالتأكيد بحاجة لتلك القوة لتكون تجربتنا مباركة

إن أقوى أنواع الضعف هو الذي يأتي بالقوة وهو إنما يكون أمام الله، وهذا يعني بأن القوة التي ينجم عنها ضعف ليست بقوة وإنما هي ضعف وهي نحو الغاوين، لقد تحدثنا كثيرا عن الاصطفاف وبأن هذا ليس زمن المداهنة أو المحاباة فمن تختار أن تكون اليوم.. أهو الضعيف أمام الله القوي بالله، أم هو المستقوي بغير الله؟