خطورة وعي العداء
في هذه المقالة، نناقش خطورة وعي العداء وكيف يمكن أن يؤثر سلبا على حياتنا الشخصية والاجتماعية، نستعرض تأثيرات هذا الوعي على العلاقات والتواصل، ونبرز أهمية التحول نحو وعي الحب لخلق تجربة بشرية أكثر تناغما وتعاونا
الوعي الفائق
عبد النبي بكون
3/8/20251 min read


أيها السادة، فلنتأمل هذا الموقف جيدا: الأفكار والمشاعر التي تصدر عن المرء تلف الوجود وتذهب إلى حيث يمكنها أن تذهب ثم تعود لتنعكس بشكل دقيق رهيب على واقع صاحبها، فإن كانت خيرا فهو خير وإن كانت عكسه فعكسه إذا أليس كذلك؟
الآن كيف سيكون الحال إن كان ما يصدره المرء هو طاقة العداء، كيف سيكون الأمر حين يتبنى المرء وعي العداء؟
إييييييه أيها السادة، إن طاقة العداء هي أحد أخطر القوى الظلامية التي يمكن أن تنخر حياة الإنسان كالسوس، وأيا كانت الجهة الموجهة نحوها هذه الطاقة فهي تحمل تأثيرات تتجاوز حدودها ثم تعود مؤثرة ككارما بشكل عميق ومعقد لمرسلها، لأن خلق سلسلة احتمالات غير منتهية من العداء المغذي للأنا ولكل النماذج الظلامية حتى لو كان ضدها هي نفسها هو حيد عن النور، ولأن الأصل هو الاصطفاف على خط النور فهذا يعني بأن الانتصار للنفس أيا كانت دواعيه هو تمهيد لهيمنة الأنا والقوى الظلامية، وحين نتحدث عن القوى الظلامية فهي ليست إلا وهما يخلقه المعادي إذ الظلام ليس أكثر من تعبير عن غياب النور، والمعادي لحظة المعاداة يحيد عن خط النور
أيها السادة اخلعوا نعالكم اليوم ولتتجردوا من كل ما يحول بينكم وحقيقتكم، فالمرء عندما يلبس عباءة العداء سواء أكان ذلك نتيجة لخلافات شخصية أو مواقف اجتماعية معقدة أو كان هوى وغواية وجرأة إنما هو بذلك ينغلق على نفسه ويصبح كالشاة القاسية لابد وأن يستفرد بها الذئب إن لم يكن كأفعى فويسقة لابد وأن تدور عليها دوائر الأيام، وأيا كان الموقف هنا فهو يحجب النور الداخلي ويعيق تدفق الطاقة الإيجابية، ولأجل ذلك سيشعر المرء بالثقل والضغط العاطفي أكثر وأكثر مما يؤثر سلبا على صحته العقلية والجسدية ولتصبح أفكاره أكثر سلبية وظلامية بينما تتضاءل ملكة الإبداع لديه، إنه حين يصل هذا المستوى تكون الكارما قد بدأت تعود عليه بل وتقدمت بخطوات كثيرة وهي تغزوا ساحته، لكن أتعلمون ما هو أخطر من ذلك؟
إنه الانفصال
إنني لن أتحدث هنا عن الانفصال وقد ذكرته كثيرا في مقالاتي السابقة بينما أريد التنويه ببساطة في هذه المقالة إلى أن حياة المرء تتأثر بما يبثه من طاقات وأفعال، وطاقة العداء تحرك الكارما بشكل سلبي لما تعيد تلك الطاقات إلى صاحبها بشكل مضاعف، فإذا كانت الأفكار السلبية والعدائية موجهة نحو الآخرين وأيا كانت الدوافع، فإن الكون يعكس هذه الطاقات في شكل تجارب وأحداث مؤلمة يمكن أن تحدث في داخل المرء كمعارك وهمية ويمكن أن تتجلى في واقعه، وأيا يكن فهي تعود لتطارد الشخص في دورة لا تنتهي من السلبية والمعاناة
إن ذلك يحدث على مستويات أعمق ولا يمكننا الاكتفاء بما هو أفقي بالقول بأن العداء يولد انعدام الثقة والنفور بين الأفراد ويؤدي إلى تفكك الصلات وانهيار الروابط الأسرية والاجتماعية، أو أن التركيز على العداء يستهلك الكثير من الطاقة العقلية والعاطفية مما يحد من القدرة على التفكير الإبداعي واتخاذ القرارات المناسبة، وبالتالي تكريس حال العجز على مستوى الأهداف والنجاحات والإنجازات المادية المحضة، وهذا لا شك لدينا بأنه أمر خطير يعيق تدفق الحياة ويخلق نماذج شاذة، لكننا نريد الانتباه إلى أن طاقة العداء تمتد خطورتها حتى مساراتنا الدقيقة والرقيقة، وبالتحرر منها نحن لا نحرر حياتنا الشخصية أو عالمنا فقط، بل إننا نتيح المجال لتدفق الحياة واتساع مساحة النور ونعدد احتمالات الرفاهية والازدهار في أبعاد ومستويات أفقية وعمودية لا يمكننا حتى تصورها فأحراك إدراكها
أيها السادة، مرة أخرى تجردوا من نعالكم ولا تدخلوا واد الوعي المقدس بنعالكم، إن تبينتم سبل الظلم والظلام فليس لتنشغلوا بها وبفتنتها التي تستدرجكم إلى حبالها بدءا بالعداء، ولكن تبينوها لتختاروا اصطفافكم.. ليكون النور الحق رفيق دربكم في كل شأنكم، لتنشغلوا بإشعال الشموع والمصابيح في درب الوجود ولتتنعموا بهبات الله وكرمه بكل حب
أيها السادة، إن الخلود يتطلب الفناء، فإن كان ما نتبناه يفنينا فمن يجب أن يفنى ومن يجب أن يخلذ؟ وإن كان يمكننا الخلود فما الذي يجب أن يفنى فينا حتى يخلد وجودنا؟