الآليات الروحية السبعة للتعامل مع الخجل
الخجل ليس مجرد صفة شخصية، بل هو تجربة داخلية يمكن التعامل معها من منظور أعمق، من خلال الفهم الروحي، يمكننا تحويل الخجل إلى قوة داخلية تعزز الثقة والسلام
العلاقات
عبد النبي بكون


إذا كنت ممن يعاني من الخجل وتود حقا تجاوز ذلك لكنك لا تجد الدوافع الكافية للتحرر من الخجل ولو أنها كثيرة جدا، فأنا هنا أقدم بين يديك المزيد من الآليات ذات الصبغة الروحية، والتي تخاطب فيك من أنت هو وتستنهض همتك لتتحقق أنت الأكبر من كل التصنيفات والحالات والمواقف والتجارب والأفكار والمشاعر وحتى لا يبقى فيك شيء من ذلك، تفرغ من التبعية للأنا المزيفة ومن ألاعيبها الخبيثة، وتفرغ من كل أصنامك الوهمية لتتصل بالذي هو أكبر وأعلى
أنت روح متصلة بالله الرحمان
لم يعد غريبا ولا جديدا عنا أننا نحن بني الإنسان لسنا مجرد أجساد أو كيانات مادية، ولأننا أكبر من هذا الجسد ونتجاوز حدوده المادية فقد أصبح من الملح علينا أن نحيى كذلك، وعليه فإن موقفك من الشعور بالخجل الذي يطغى عليك لا مبرر له ولا قائمة حقة يقوم عليها أمره، وأيا كانت أسبابه ودوافعه والتي لا نريد أن نجعل منها شماعة هاهنا فإنه يسهل زواله والتحرر منه إذا ما تعلمنا وآمنا حقا أننا أرواح متصلة بالله الحليم، فكيف بمن مولاه الله لا يستمد قوته من اسمه سبحانه القوي.. المتين.. العزيز؟
نحن متفقون أن لهذا الشعور أسبابه المختلفة والمتعددة من تجارب سلبية في الماضي ومن علاقات سيئة مع الوالدين أو أحدهما وسوء تربيتهما وأنه قد يكون موروثا مثله مثل جميع الأمراض التي تأتي بالوراثة وهلم جرا، لكن كل ذلك يسهل التحرر منه بل ويحدث التحرر منه ونتائجه كلما زاد وعي المرء بأنه روح متصلة بالله سبحانه
تستطيع القول بأن ممارسة العيش والحياة بأسماء الله الحسنى هي ما يعزز تلك الصلة التي تجمعك بالله سبحانه وتعالى، وهي بالتجربة فعالة جدا، إدراكك أنك روح متصلة بالله ليس يحررك فقط من الخجل بل يحررك من كل أشكال الضعف والوهن والخوار
اعترف بروحك المتصلة بالله الرحمان
هذا الأمر ليس يحدث ويتحقق ما لم تكن معترفا من أعماقك بهاته الصلة، وبعظمتها وبتأثيرها القوي في واقعك فهي شئت أم أبيت حاصلة لكنك لا تتنعم بها أو تستفيد منها كما يمكن أن يكون ما لم تعترف بها وبتأثيرها على حياتك، وما لم تعترف أيضا بهاته الروح العظيمة التي تلهمك وترشدك وتعمل كل وقت وحين كي توقظك لتكون حرا من كل أشكال ونماذج الضعف ولتتجاوزها وتأثيراتها عليك، فإن الأنا ستلجمك وتلزمك المستويات الدنيا وأنت في غفلة من كل ذلك
ثمن نعمة الخيال وتدبر
منحنا القدير الخيال لنتفكر ونتأمل ونذهب أبعد ما يكون في تأملنا لعجائب قدرته، ومنها ما جعله فينا وبقوله وفي أنفسكم أفلا تتفكرون، فالعقل الباطن للإنسان لا يفرق بين ما هو حقيقة وما هو كذب وما هو واقع وما هو وهم، وهو أيضا مصدر كل أفعالك وأفكارك ومشاعرك والقرارات التي تتخذها فهي مبنية على البرمجيات التي لديه، ومن حسن حظنا أننا نستطيع استثمار هاته الخاصية كي نعيد بناء ذواتنا من جديد أو كي نتصل بحقيقتنا من جديد، فكيف نثمن الخيال ونوظفه للتحرر من الشعور بالخجل؟
يتحقق ذلك من خلال تمارين التأمل والتخيل أو ما يسمى بالفلم الذهني الذي هو عبارة عن مشهد الصورة النهائية التي تحب أن تكون عليها والتي قد تكون الجرأة والشجاعة أو أيا يكن، من الجيد أن تتكرر عملية التأمل على موضوع التحرر من الخجل مرتان في اليوم لأسبوع كامل على الأقل حتى ثلاثة أشهر
عش شعوريا حالة الشجاعة أو الحال التي تريد
يعتبر استحضار حالة الشجاعة والجرأة وعيش مشاعرها بتفاصيلها وسيلة هامة وقوية للتحرر من الخجل وتجاوزه، وهو أيضا وسيلة لإعادة برمجة الباطن وتحريره من البرمجة السابقة وهي مكملة للتخيل والفلم الذهني بل لابد من الكثافة الحسية فيه، لكن ما أتحدث عنه هنا هو خارج إطار الفلم الذهني، أي أنك تستحضر الحالة المشاعرية في يومك وتعمل على أن تكون واعيا بكل تلك الأفكار والمشاعر التي تناقضها أو تعارضها فتتحرر منها
تحرر من مشتتات الإنتباه
خلال سعيك للتخلص من المعاني المعطاة للخجل وتأثيرها السلبي عليك، ستبرز لديك الكثير من المشوشات التي تأتيك في صور مختلفة، منها ما يأتيك بشاكلة أفكار ومشاعر ومنها ما يأتيك في صورة أشخاص وأحداث وحتى ما قد يبدوا كواجبات ومسؤوليات، تحرر من كل ذلك واحتفظ بتركيزك التام والكامل الشامل على هدفك في أن تحيى بشجاعة...
إنك إذا ما كنت تستجيب لتلك المشوشات مهما كانت الصورة التي تظهر عليها في واقعك فستبقى دوما حيثما أنت وعلى ما أنت عليه من الخجل ومما يترتب عليه، فما الذي تختاره؟
أعتقد أنك ذكي بما يكفي لتحسم المسألة
عش رغبتك في الآن كواقع
يساعدك على ذلك أن تعيش رغبتك كواقع حقيقي في الآن وليس كأمنية تتمناها، بل هو موقف تتبناه وتؤمن به وتحققه في واقعك من خلال اللعب المتقن للدور، فلتكن الجهود التي تقوم بها متوازية أو بمستوى الذي تصبوا وتطمح إليه، لذلك فليس يعقل أن تكون طموحاتك أكبر من خطواتك، وأبسط وأقوى أيضا ما يمكن أن تقوم به هو أن تعيش وتحيا بشجاعة، أن تمارس الشجاعة فلا شيء يمنعك حقيقة من ذلك ولا أحد يستطيع أن يمنعك من ذلك ولست بحاجة لأشرح لك ذلك فقد سبق الأمر في مواطن كثيرة
تذكر دوما العظمة التي بداخلك
هاته الخطوات مترابطة مع بعضها ويكمل منها بعضها كلها، وأهم ما يكملها ويساعدك أكثر أن تعود للتذكر، أن تتذكر العظمة التي بداخلك، يساعدك هذا على أن تكون أكثر واقعية وليس توهما، فالذي يتبدى لك واقعا ليس بواقع فالواقع هو ما أنت عليه حقيقة، وحين تتذكر ذلك وتتذكر العظمة التي بداخلك تبدأ تساعد نفسك على تجاوز موقفك من الخجل والتحرر منه شيئا فشيئا إلى أن تصير أكثر شجاعة في قبوله
في الواقع ليس التخلص من الخجل بالأمر المطلوب المرغوب كما ليست الشجاعة بالأمر الممتنع، فكل ما في الأمر هل أنت عازم على تجاوز موقفك منه والانتقال إلى احتمالك الأفضل أم لا، أين أنت تركز.. أين يكون انتباهك؟
بالضبط أنت تكتشف الآن بأنك تنظر للمكان الغير مناسب