خطوات بسيطة لحياة أفضل

تحقيق حياة أفضل لا يتطلب تغييرات جذرية، بل يبدأ بخطوات بسيطة واعية تحدث فرقا كبيرا على المدى الطويل، هذه المقالة تساعدك على تحسين جودة حياتك، وزيادة سعادتك وخلق توازن حقيقي في يومك

نبتة تجسد الحياة
نبتة تجسد الحياة

في رحلتك عبر الحياة ومحطاتها لابد أن تدرك إن مبكرا أو متأخرا أن الألم لم يأت لتتألم، لكنه يأت ليوقظك من السهو والغفلة والشرود، فمهمته المقدسة إزاحة الغبار عن المعاناة المتوغلة في أعماق أعماقك، لتتمكن هي من الانزياح وتفسح المجال لك ولروحك العظيمة كي تتعانقا من جديد

في هاته المقالة أوجه انتباهك لسبعة من أخطر ما تتشبث به في الوقت الذي يسبب لك الألم وكأنك تتشبث حقيقة بالألم لذاته وليس بما يسببه لك

كتب أحدهم يوما وقال عن الآخرين: يتعمدون أن يوجعوك حتى لا تعود ترى حلا سوى الرحيل!!

حقا! ارحل إذا ولنرى ما سيحدث بعد ذلك، من الحمق أن تعتقد أنهم يتعمدون ايجاعك وايلامك، ففي الحقيقة أنت من تتعمد ذلك، لست أرجوك كي تصدقني لكني أدعوك لتكذب رؤيتك لما يحدث في واقعك

أنت وحدك من توجع ذاتك وتزيدها ألما بالتمسك بكل ما يوجعك سواء أكان بدواخلك أو بخارجك وليس هذا وفقط بل إنك تتلذذ بلعب دور المسكين

أترك لك قراءة ممتعة مع أول هاته العناصر السبعة

الآخرين

خلق الله القدير آدم ولم يتركه لوحده بل جعل له من ضلعه من يشد عضده، ويؤنس وحدته ويملأ عليه حياته، وكذلك جعلنا نحن أبناؤه بعضنا لبعض، مسخرين كل منا يكمل الآخر، وقد يحدث أن يكون الآخر مسخرا لك بأسوأ شكل حسب تقييمك، وبأبغض صورة اليك حسب قراءتك للأحداث، لكنك تجهل ذلك لأنك متشبث بما ترى أنه هو الأنسب لك، ومن ذلك بعض الآخرين الذين ترى جنتك في حضنهم وجحيمك في البعاد عنهم، حتى إنك لتنصدم وتدخل حالة حزن عميق وشديد بسبب ما تعتبره خيانة عشرة أو ثقة وخذلان لك أو تخلي عنك أو غدر بك

مهما كان ما يحدث معك تحزن بقوة لأنك متشبث بأشخاص أو بصورتك المثالية عنهم أو .........

ليس هذا وفقط، فحتى الآخرين الذين لا تربطك بهم أي صلة يمكنهم أديتك أيضا مثلما يمكنهم نفعك من حيث لا تدري ولن أخوض في تفاصيل ما الذي يجعل ذلك يحدث في واقعك، لكني أوجه انتباهك الى أن كونك متشبث بالآخرين وبرؤيتك لهم ومهما كانت صلتك بهم وانتظاراتك منهم فلابد لك من الألم، ولابد للألم أن يقوم بمهمته المقدسة، كلما بدا له أنك تبتعد كثيرا عن روحك، وكلما أرادت المعاناة الدفينة بداخلك التحرر كي تلتقي أنت وروحك العظيمة

توقف عن الأنين وكراهية الألم، وابحث لك عن المفتاح الخفي الذي يحمله لك هذا الألم...، اللحظة التي تتسلم فيها هديتك وتتوقف عن التشبث بالآخرين وعن الاعتقاد بأنهم وحدهم يجسدون جنتك ونعيمك هي اللحظة التي تكون فيها حرا، وهي أيضا اللحظة التي تدرك فيها أن الآخرين هم جنتك ونعيمك في حدود رسالتهم لك لا أقل ولا أكثر سواء بما يعجبك أو بما لا يعجبك، أما التشبث والتعلق بالأشياء والأشخاص فيجلب عليك المزيد من السادة المستبدين المستعبدين وليس الخدم المسخرين

أرجوك لا تغتر كثيرا حين تقرأ عن كونهم خدم فكلنا خدم مسخرين لبعضنا البعض، وخدم بذلك للولي سبحانه ومسخرين منه للآخرين مثلما هم كذلك لنا، وجعلهم سادة عليك هو عملية تأليه غير مقصودة لهم، والجميل أن حتى هذا التأليه الغير مقصود لهم أيضا سيدفعك للاستيقاظ من جديد والا تموت بأسوأ الطرق

الماضي

يجد الكثيرين راحة كبيرة في الحديث عن ماضيهم بانفعال شديد كيفما كان، بئيسا أو مجيدا، بين التأسف والتشدق، ولعب دور الضحية المسكين، والبطل المغوار الذي خذلته الأيام وغدر به الزمان، وأصحاب العصر الذهبي، وكنا وكنتم...، إلى غير ذلك من هراء النوسطالجيا الذي تمارسه كنوع من التشبث والتمسك بالماضي مهما كان حالك فيه

لعبة الحنين والهروب من الآن هاته هي أيضا واحدة من الألعاب القذرة التي يلعبها الانسان ضد ذاته، ثم يأتي بعد عقد ليخبرك أن الزمن لم تعد فيه بركة، تبا لك... إنك تسخر من نفسك؟

إنك تتخلى بذلك عن واحدة من أعظم الهدايا المقدمة لك مجانا، الآن، إنه الآن الذي تخشى دونما وعي منك أن تحيى فيه، لأنك تعلم في أعماقك يقينا أنه يدفعك لتحمل كامل مسؤوليتك في الوقت الذي تحب أنت أن تتهرب من ذلك، وتحب استثارة شفقة الآخرين كما تحب حين تجد العزاء منهم، حتى إذا بلغ العمر منك مبلغه قمت بما تجيده دوما

ما هو؟! طبعا وبكل بساطة النوسطالجيا والأسف على الزمن المهدور في واحدة من أكبر مسرحيات الهدر، صدقني إنك لو حييت اللحظة الآنية لألغي مفهوم الزمن من قاموسك، ولعمت البركات حياتك حتى أنك لتشعر باللحظة كأنها أعوام مديدة، لماذا؟ لأنها ترفع الستار عن حجم الفراغ لديك لتجد أنك مدفوع لتحمل مسؤولياتك وملء هذا الفراغ، الآن يظهر لك السبب الحقيقي في الهروب من الآن أليس كذلك؟

الجسد

الصورة المثالية التي يسوقها الاعلام الرخيص عن الرجل والمرأة أسقطت الكثيرين في نتانتها، من الجميل أن تعتني بجسدك وتتعامل معه بتقدير وامتنان وحب وتمنحه ما يقويه حتى يتحقق الانسجام بينكما معا، هذا الانسجام الذي يحقق لك الكثير

الغريب في الصورة التي يسوقها الاعلام لكما أنه يحدد لك خارطة الطريق خاصتك ويرسم لك معايير الجمال والصحة و.....، يختصر كيانك الهائل العظيم في نظرة أرضية محدودة وغبية ويدفعك حتى لمستوى الإرهاق الممتد من المادي الى النفسي والروحي

كيف ذلك؟

حسنا هل تساءلت يوما ماذا عن الباطن؟ لا لست بحاجة بذلك!

لا أصدق كيف صارت صورتنا الداخلية وانطباعنا عن ذواتنا وتقديرنا لها مرتبط بالمعايير التي يحددها الآخر، حتى الجسد الذي يستضيفنا قررنا أن نحدد مستوى رضانا عنه بحسب تقديرات الآخرين ومعاييرهم، اللعنة على ذلك...

التشبث بالصورة المثالية المسوقة لنا عن هذا الجسد جرت معها الكثير من الألم، هل كان ذلك ضروريا؟ كلا، لم يكن كذلك لكننا نعشق الآخرين أكثر من حبنا لنا كما نعشق أشياء أخرى أعمق من ذلك، ما عسانا نفعل إذا ما كنا نعشق ممارسة هاته اللعبة القذرة!

حسنا، في الحقيقة لا شيء سوى الاستيقاظ أو التوقف عن السؤال عن لماذا لسنا سعداء أو مطمئنين ولم ليس لدينا رضا عن ذواتنا غير ذاك الرضى المزيف المليء بالخداع

الأفكار

لقد كنت ولزمن طويل منتبها لكل تلك الأفكار التي كانت تعشعش في رأسي ومنتبها أيضا لضجيجها في واقعي، لكني كنت أجهل كيف أتعامل معها ولم أكن أعلم أنه بإمكاني أن أتحرر من سلطتها علي، حتى صارت جزءا من يومياتي أتغدى عليها، ولم أنتبه كيف أنها كانت تجر بي الى الهاوية، الى أن حدث يوما أن توقفت وأخبرت نفسي أن هذا الهراء لا يمكن أن يكون طبيعيا وإلا لم يكن ليدفع بي الى جحيم لا أطيقه

لقد تطلب الأمر مني حزما شديدا وبحثا عميقا كي ألتقي بالصفاء الذي بداخلي وكي أدرك أنه يمكنني أن أعيش وأحيى السلام بيني وذاتي، بدل أن أخوض معها مشاحنات حيال ما أريد ومن يجب أن أكون

سيل عرم من الأفكار الغير متناغمة، كل واحدة تدفع بأخرى أو بالعشرات أو تناطح المئات من الأفكار، مهلا، هل أنا ساحة قتال، يجب أن يتوقف كل هذا الهراء الآن

بدأت رحلتي الطويلة في البحث عني حتى إذا لقيتني أضعتني من جديد، ثم أبدأ من جديد دونما كلل أو ملل لسنوات طوال، لأكتشف أن مسألة إيقاف هذا السيل العرم من الأفكار كانت مجرد فكرة أخرى أمارس من خلالها عملية الهاء حقيقية كيلا أنظر أعمق من ذلك

لم تكن تأت من تلقائها تلك الأفكار، كانت خطة هروبي الغبية من أن أكتشف من أنا حقا ولأفسح المجال لكل تلك المشاعر الدفينة بداخلي كي تتحرر وأنطلق أنا الأكبر من كل ذلك

أصبحت اللعبة واضحة جدا، وأصبح جليا فعلا أن كل ذلك التشبث الخفي بكل ذاك الهراء ما هو الا عملية احتيال نمارسها على ذواتنا، مقابل ماذا؟ حقا لست أدري أي غباء هذا!

حسنا هل هذا يخص الأفكار السيئة التي تردنا حيال أهدافنا وحيال الناس والأشياء و... فقط؟

انظر، لا أريد أن أخدعك أنا أيضا، أرأيت تلك الأفكار السيئة؟ أضف اليها حتى الأفكار التي تراها حسنة ودع كل ذلك يرحل عنك، ثم املأ الفراغ بما يجدي، تأكد يقينا أنه سيتم استدراجك كلما بدأت تصدق أن هاته فكرة حسنة وهاته فكرة سيئة

المال

بالنسبة لي عشت تجارب عدة مع المال منذ صباي حتى لحظة كتابة هاته الأسطر، اختبرت وجوده مثلما اختبرت انعدامه، واختبرت علاقتي معه في شتى صورها وتجلياتها، يمكنك أن تذهب بخيالك بعيدا جدا لتفهم ما الذي خضته في علاقتي بالمال

لكنني إذا ما سألتني عن الرسالة الأهم التي حملتها لي تلك التجارب المتنوعة والمختلفة والمتعددة الأوجه، فستجد جوابا واحدا مني، تشبث بالمال وانظر اليه كيف يتفنن ويتلذذ في تحويلك وجعلك عبدا له

يمكنك تقدير المال والامتنان لوجوده، ويمكنك اعتباره ذاك المسخر لتتحقق أنت، أو ذاك الصديق الخدوم، وذاك الذي لا أنت أقوى منه ولا هو أقوى منك، لكن لا تجرب أبدا أن تتمسك به ولا أن تجعله هدفك الأساسي أو الأسمى، احذر أن تمنحه السلطة المطلقة أو المحددة عليك، لأنه وإذا ما منحته ذلك أراك منه ذاك الشيطان المستبد، ليس لأنه حقا كذلك، ولكن لأنك أنت من حول المسخر إلى سيد، ومنحه ما ليس له

صحيح أنه قد يحدث أن تعيش لحظات صعبة وحرجة، لكن ذلك ليس مدعاة لأن تعتبره أكثر من مجرد نتيجة، أما بخصوص اللحظات الصعبة فصدقني قد جربت الكثير منها ولم تكن أسوأ من اللحظة التي منحت فيها المال والأشياء وحتى الأشخاص ما ليس لهم وما ليسوا عليه، وأحمد القدير أنها قد كانت كلها وليس بعضها هدايا عظيمة تلقفتها وعلمتني الكثير عني وعن الناس وعن الأشياء وعن كل ما يمكن أن يخطر ببالك

الانتصار

من خلال تجربتي الشخصية وأكثر من خمسة وعشرين سنة من التعامل المباشر مع أنواع وأصناف مختلفة من الناس وجدت أنه وحيثما وليت وجهك تجد تجدرا قويا للمنافسة حتى في الدين الذي جيء به رحمة للعالمين

يقوم أغلب الناس بالأشياء ويرغبون في الحصول على الأشياء لا لأنهم يختارون ذلك ولكن ليحققوا التفوق والتميز والتفرد عن الآخرين، هل تصدق هذا الغباء الممتد حتى حدود الأممية، فتجد موسوعة غينيس لتحطيم الأرقام القياسية، وأكبر طاجن وأكبر إبريق شاي وأكبر ساندويتش وملكة الجمال والذي يشرب أكثر قدر من البيرة ومن سيأكل أكثر عدد من البرغر ومن هو صاحب أطول شارب والجارة التي تبحث عن فستان أجمل من فستان جارتها والتي تبحث عن كيفية الحصول على مؤخرة أفضل من مؤخرة صديقتها التي لطالما كانت متفوقة عليها منذ الصغر والآخر الذي يريد أن يكون جسده مثل جسد رونالدو، والساذج المتنمر الذي يستعرض عضلاته على رفاقه ليثبت هيمنته عليهم، والمرائي الذي يعتقد أن إعجاب الآخرين واهتمامهم بهرائه سيحدث فرقا في واقعه وهلم جرا

مالنا نحن ولكل هذا، لم علينا أن نؤكد التفوق وعلى من؟ أعلى من هو نسخة مختلفة عني مهما تطلب الأمر مني ومنه لنكون شبها ببعض!

في الانتصار أنت لم تعد تفعل الأشياء كاختيار وكنية متناغمة مع النية العظمى، بل يصبح كل ما تقوم به ذو نزعة نفسك الأمارة بالسوء أو ما يسمى بالإيكو، ووجود احتمالات الانتصار الكثيرة يعني بالضرورة وجودا قويا لاحتمالات الهزيمة، هاته الاحتمالات التي منها يا تعتبر أو تعتقد وتشعر أنه يذلك، لكنك أعمى حين تفكر بمرجع الايكو ولا ترى كل ذلك، وأعمى أيضا حتى عن رؤية أن لا شيء في الحياة الأبدية أو السرمدية أو الأزلية ولا حتى في أي بعد من الأبعاد قد بني على التنافس، حتى صاحب الشيء ومليكه لم يفعل ذلك، فكيف بك أنت تفعل ذلك؟

أنا لا أتحدث عن المنافسات الترفيهية التي تعزز العلاقات الإنسانية، بل أتحدث عن استغلالها وغيرها بجميع الصور والأشكال التي تخلق الصراع والتصادم والتنافر الذي لا أريد أن أذكرك أنه ليس بينك والآخرين ولكنه صراع وصدام وتنافر يحدث بداخلك أنت، حرب ان شئت سمها قذرة تدور رحاها في أعماقك، وستبقى قذرة الى أن تستيقظ وتتحرر من كل تلك المشاعر الدفينة لديك، افعل ذلك فأنت لست مقبرة لموتى ملعونين

الأشياء

يعلق الكثير من الناس أملا كبيرا حول الحصول على الأشياء، ويربطون ابتهاجهم وفرحهم بتحقيق الأهداف المادية من المسكن الى المركب والملبس وغير ذلك من متع الحياة وهباتها العظيمة، حتى إذا ما حصلوها لم تتعد فرحتهم بالمملوك إلا أياما معدودات، حتى إذا ما نسيت وتم التعود على وجودها استحوذ الفراغ على بواطنهم، وعمتهم المشاعر السيئة الى أن يجدوا لهم حاجة أخرى ليعلقوا سعادتهم بها

القضية ليست في الأشياء المادية فأنا شخصيا ليست لدي مشكلة ما معها، بل ولدي معتقداتي الخاصة حيالها، لكن الموضوع عندي هو أن تجعل فرحك وابتهاجك وتحصره في الحصول فقط، وهذا يوحي الى أن عدم الحصول وانعدام المحصول يعنيان انعدام أو ندرة المشاعر العظيمة مثل البهجة والفرح والطمأنينة والامتنان، في الوقت الذي هما فيه شيئان مختلفان تماما، فواحد منها أصل ثابت وهو ما كنت عليه من قبل ونسيت أنت ذلك، والثاني متحرك متقلب متغير رهين بالظروف والأزمنة فقط، ووجوده أمر محمود كما السعي اليه مطلوب، وانعدامه لا يجلب ضررا ما

اسمح لي أن أكون صادقا معك فأسألك هنا ان كنت تستشعر هاته المشاعر العظيمة وغيرها الآن؟ إذا كان جوابك نعم فاعمل على تقوية ذلك واسمح لذاتك بالمزيد منها، وان كان الجواب لا فهي دعوة لك كي تستيقظ وتغير شيئا ما في واقعك، ساعتها فقط يسهل عليك الحصول ولا يعذبك المحصول عليه سواء من قبل أو من بعد

إن التشبث بالأشياء ومنحها سلطة التحكم في نوعية المشاعر التي تحيى بها هو أيضا واحدا من أسوأ قراراتك التي تتخذها، ان التشبث بالأشياء وبالحصول عليها إن لم يكن له إلا تأثير واحد عليك وهو حرمانك من المشاعر الطيبة فهذا كاف لك لتتوقف وتعيد رسم خارطة الطريق خاصتك، أما وأن يزيدك تعاسة على كل ذلك فهذا الهراء بعينه

ومن هنا يظهر جليا ما يعنيه وجود التشبث بهاته العناصر الأساسية وبغيرها سواء أعلى أو قل قدره، ثم إن القادر سبحانه لم يسخر كل مسخراته ليسبب لك وجودها أو انعدامها الألم، ولم يأمرها بتلبية ندائك إلا ليمنحك كل سبل الراحة لتتحقق أنت الأكبر من كل ذلك، لكنك في الحقيقة ويا للغرابة تعشق الألم لذاته...... وإلا فالأصل فيك أن تستشعر كل تلك المشاعر الطيبة العظيمة كيفما كان حالك ومهما كان الذي بين يديك أو لم يكن بين يديك، والأصل أيضا هو تأمل كل تلك الحالات الشعورية الغير متناغمة مع الرخاء والخفة ومراقبتها مع الانصات اليها وليس مقاومتها أو الاستجابة لها أو التمسك بها، لتتحرر كتلة المعاناة بداخلنا فهذه وحدها غاية ظهور الألم، فانه اذا ما تحررت ازدادت مقدرتنا على الاتصال أكثر بالكون ومكون هذا الكون، وهو اتصال يجلي العظمة التي بداخلنا ويمنحنا قدرة هائلة على الامتنان لوجود كل هاته العناصر الستة وغيرها في حياتنا مثلما يمنحنا الشجاعة لتقبل عدم وجودها أو رغبتها في الرحيل والابتعاد كأنه ومثلما قال معلم عظيم لنا يوما: ".......حتى لا يبقى في قلبك الا الباقي سبحانه"