لم تقدير الذات؟

إن تقديرك لذاتك هو أساس اعترافك بالكرم الإلهي، وأنت عندما تدرك قيمتك الحقيقية تصبح قادرا على تحقيق أهدافك بكل ثقة وإيجابية، احرص على أن تكون دائما في مكان تقدير واعتزاز بنفسك، لكن الأهم أن تستحضر فضل ولي نعمتك

عبد النبي بكون

3/8/20251 min read

الوعي بقيمتك الذاتية هو المفتاح الذي يفتح أبواب النجاح الداخلي ويساعدك على بناء حياة مليئة بالسلام و
الوعي بقيمتك الذاتية هو المفتاح الذي يفتح أبواب النجاح الداخلي ويساعدك على بناء حياة مليئة بالسلام و


لقد عملت الكيانات الظلامية جيدا على طمس وعلى الأقل تشويه هوية البشرية لأن ذلك يسهم بشكل كبير في تمرير أجندتها دونما مقاومة، وقدمت لنا عالما يموج بالصراعات والتحديات على المستويات الأفقية والعمودية لأنها تعلم جيدا وعلم اليقين بأن القوة الحقيقية لدينا تكمن في معرفتنا بقيمتنا الذاتية وقدرتنا على تحقيق السلام الداخلي وليس كمجرد رفاهية، بل أكاد وسمه اضطرارا بالضرورة الوجودية التي تجعلنا نتجاوز عواصف الكيانات الظلامية، إنها تعي جيدا بأن إدراكنا العميق لقيمتنا الذاتية يشوش على أجنداتها الخبيثة ويفقدها القوة التي تستمدها من الغفلة التي تصيبنا في كل مرة نفقد وعينا بقيمتنا الذاتية

إنني حين أتحدث عن القيمة الذاتية لا أتحدث عنها من منظور الأنا وإنما من منطلق الاعتراف بالفضل وبالحقيقة التي اختار الله لنا والامتنان له على ذلك، والسلام مع الحياة شعلة تنير وجهتنا على الدرب أيها السادة، ونحن سنكتشف لا محالة مستويات أعمق من قوتنا كلما أفسحنا المجال أكثر وأكثر للسلام وذلك حتى درجة أن نكون في سلام حتى مع اضطرارنا لاتخاذ موقف إن لم يكن ذلك خيارا

إنه ليس ذلك الصوت الهادئ الذي يخبرنا بأننا كافيين كما نحن، بل هو الحال الذي يضعف هامش المقاومة لدينا حتى نستطيع أن نرى ما لا يراد لنا رؤيته، ولأجل ذلك تجدونهم اليوم ينتقلون بالبشرية من ضغط لضغط ومن أزمة لأخرى، وهذا ليس فقط على المستويات الأعلى بل حتى المنخفضة منها، فكل الكيانات الظلامية اليوم مجندة لأجل أجندة خبيثة مصدرها واحد ليس من مصلحته تحقق هذا السلام، وذلك لأنه يعلم بأننا سنصبح قادرين ليس على مواجهة ضغوط الحياة التي يتم اليوم الدفع لجعلها أكثر بشاعة، بل لأنه يعلم بأنه لن يستطيع أن يجد سبيلا لذلك مع قوم أحرار من أي تعلق

ذلك أيها السادة من جهة، ومن جهة أخرى هناك المشاعر الطيبة فهي ليست مجرد زاد للرحلة تغذي قلوبنا بالحب وبالامتنان وعالمنا باللطف، إن المسألة أكبر من ذلك فنحن بالمشاعر الطيبة نخلق عالما مزدهرا من خلال رفع مستوى تركيز تردداته العالية، فهذه المشاعر ليست مجرد انعكاس لحالتنا النفسية ولا هي البنية التي تدعم هويتنا فقط، بل هي ما يسهم في أن يكون وجودنا هذا وجودا مباركا

في رحلتنا هذه سنكون أيضا أكثر وعيا بمحاولات استغلالنا من الآخرين، وهنا يكمن دور الوعي بقيمتنا الذاتية ودوره في رعاية أنفسنا والعناية بها، فمنع استغلالنا ليس مجرد خيار بل هو واجب وحق لأنفسنا علينا، إننا عندما ندرك قيمتنا الحقيقية لا نصبح فقط أكثر وعيا بالأشخاص والمواقف التي تحاول الانتقاص منا وتشويهنا، ولا نكتفي ببناء جدران منيعة لحمايتنا منهم وإنما نتخذ خيارات تتجاوز كل ذلك بحيث يرتفع ويعلوا مؤشر أدائنا في هذه التجربة ويزيد مستوى الوضوح لدينا فيها أكثر وأكثر

إن بناء هوية منيعة يبدأ بتعزيز قيمنا الذاتية والسلام الداخلي معها أولا قبل ما يمكن أن يأتي تاليا، فنحن لن نصبح قادرين على تبني رؤية تتوافق مع هذه الهوية والرؤية العظيمة التي شيئت لنا من الله بالتفريط في حقيقتنا، ثم إن تبني أي رؤية لا يمكن أن يجعلنا نعيش حياتنا بصدق ووضوح أو أن يمنحنا القوة دون الاعتراف بقيمتنا الذاتية والسماح بتجلي حقيقتنا

إن القيمة الذاتية ليست مجرد مفهوم فضفاض يتم التغني به، بل هي حجر الزاوية في المسألة أيها السادة، والاستخفاف بالذات هو مدخل أساس للكائنات الظلامية إلينا لأنها تجيد التغذي على الضعف ولأجل ذلك هي تسعى في تكريسه لأنها أيضا تعلم بأنها لا تستطيع اختراقنا إن لم نكن على حال الضعف

أيها السادة، مرة أخرى ينادي المنادي باليقظة فالمؤمن القوي ليس فقط مقدرا لذاته التي تكرم الله عليه بها بل هو أيضا فطن يقظ ويتيح لنفسه المجال والقدرة على رؤية ما لا يراد له رؤيته