أخطر التسلط على الذات

تتناول هذه المقالة أخطر أشكال التسلط على الذات، ونستعرض كيف يساهم التسلط في خلق بيئات سلبية تؤثر على الثقة والاحترام بين المرء ونفسه، ونبين سبيل الوعي الفائق لبناء بيئات داخلية أكثر توازنا وصحة نفسية

الوعي الفائق

عبد النبي بكون

3/8/20251 min read

التسلط يخلق بيئة من الخوف والاضطراب. في هذه المقالة، نكشف عن تأثيراته السلبية وكيفية التصدي له لبناء
التسلط يخلق بيئة من الخوف والاضطراب. في هذه المقالة، نكشف عن تأثيراته السلبية وكيفية التصدي له لبناء

لقد رأيت من أسوأ ما رأيت في أحوال الناس تسلط المرء على نفسه بظلمه للآخرين وتعديه على حدودهم، وأيا كانت دعاوى المرء في ذلك ومحاولاته البائسة في تشريع أو إحقاق موقفه البائس فإنها تسلط وأول الأمر تسلط على النفس، وذلك يأتي من أوجه لا يستطيع الأعمى رؤيتها خاصة إن كان ممن يمجد ويؤله موقفه، خلاصة القول من البداية إنك بالتعدي على حدود الآخرين تتعدى على حدود الله وحرمة عياله

الفكرة هنا هي أن التسلط على الذات يكون بحرمانها من فرصة تجليها على حقيقتها والإصرار على تشويهها من خلال تبني أنماط ومناهج خبيثة، ويعد هذا من أسوأ أشكال التسلط وأبشعها لأن المرء يتجرأ على حرمات الآخرين وحيواتهم وكل ما ليس من حقه ثم وهو بذلك يضع مصيره بين أيديهم ودعوة منهم فضلا عن كونه يسهم بشكل كبير في تكريس الوعي الظلامي الهابط ولو أنه موعود بالخسران

إن لكل واحد منا فرصا عادلة لخلق حالات من الاختلال أو لتحقيق التوازن والتناغم في كل مستويات الحياة، ولأن كل إناء بما فيه ينضح فالمتسلط يعبر عن عدم استقراره وعن ضعفه وعجزه وقلة حيلته، ولإن سألتموني ألم يكن هناك احتمالات أفضل له لكان الجواب نعم، ولكنه لو أدرك احتمالات أسوأ في الظلم لتبناها إلا من رحم ربي، لكن وعموما إن ما يجعل من هذه المسألة من أشكل نماذج التسلط على الذات وأكثرها تعقيدا هو كارما الآخرين وآلامهم، إذ عند الحق لا يضيع حق لصاحبه والمتسلط سيشرب يقينا من كأس التسلط ولكم رأينا كيف تسلط أذلة قوم على أعزته إذ دارت بهم الدوائر وغرهم الحال والأمد وطال بهم المقام في الأمان ولم يأمنوا مكر الله بينما نسوا إمهاله

ثم هناك التسلط من خلال الانجراف خلف الحسد والغيرة، ويا أسفي أيها السادة كيف يحدث استدعاء الفقر والحاجة وزوال النعمة لعيال الله بينما الأصل فينا هو التعمير والإسهام والمشاركة في تعزيز احتمالات الحياة والرفاهية والازدهار فيها بقدر ما استطعنا وإن عجزنا فعلى الأقل كف البأس فأحراك التمادي والطغيان

إن رأيتم اليوم تسلط غير ذي مروءة فلا تعجبوا من امتداد سلسلة التسلط هذه إلى مستويات أعلى وأكبر تخلق احتمالات أكبر للموت لن يوقفها إلا شعلة نور في القلب تبعث الروح في الروح، لقد فهمنا بأن أذية عيال الله تعطيل لعجلة التوسع والازدهار وللحقوق، فهل فهم المتسلط بأن السعي لتضييق أرزاق العباد نية تتعارض مع مشيئة الله لعباده وسنة التوسع وهي تعود على صاحبها بالتأكيد

كل شيء سيعود، والسؤال هو ما الشيء الذي نختار أن يعود؟

كلنا سنعود، والسؤال هو بأي وجه كل منا سيعود؟

أيها السادة، هذه التجربة تجربة وحيدة وفريدة وأيا كانت احتمالات الحياة فهي تبقى تجربة وحيدة وفريدة وماذا يمكن أن أقول أمام معرفة هذه الحقيقة؟

في الواقع، لا شيء