لا تفعل هذا في المحن
في المحن تدفعنا المشاعر لتبني مواقف يمكن أن تزيد من معاناتنا بدلا من تخفيفها، هذا المقال يسلط الضوء على أخطر الأخطاء الشائعة التي يقوم بها الكثيرون، ويوجهك نحو طرق أكثر وعيا وفعالية للتعامل مع التحديات بصفاء وثبات
عبد النبي بكون


الأصل في الحياة ألا سلطة لدينا عليها ولا على أحوالها وتقلبات الدهر فيها، إنما نحن ملكنا سلطة الإرادة والاختيار وكان التوفيق لها ولنتائجها سلطة إلهية وحقا خاصا لله وإن يعلم الله في قلوبكم خيرا فيقينا يؤتكم خيرا، ذلك الخير يمكن أن يتشكل بأشكال منها الذي يسرك ومنها الذي قد يقهرك أو على الأقل ذلك ما يبدوا منه في الظاهر، وما يمكن أن يعمي المرء هو الاغترار بالذي يسر النفس وقد تحدثنا عنه سابقا، أما اليوم فرسالة المقالة هاته عن الاستياء في المحن وما قد يصيب بالقهر، إذ في الاستياء من المحن نحن نرفض الظاهر والباطن بينما لا نرى ما نرى إلا بوعينا القاصر، ونحن غير مدركين أيضا حتى لو حاولنا جاهدين بواطن المسألة وأبعاد الخير فيها، إن الحقيقة الحقة هي أن الله لا يفعل إلا خيرا وإن كان الظاهر الذي نراه في المحن لا يسرنا فذلك ليس تأكيدا على أن باطنه لا يحمل الفرص والاحتمالات الأفضل للارتقاء، إنما موقفنا من المسألة يحول دون أن نطمئن لحكمة الله فنعجز عن رؤية ما قدر لنا رؤيته من نوره في المسألة
في دروب الحياة ستأتي علينا لحظات الاستياء والحزن...، وستأتي علينا تلك التجارب الصعبة التي تبدو وكأنها ستقصم ظهر أحدهم، ولكن ذلك يرعبنا وليس لأن ما نراه من خلال أعيننا ليس سوى جزء بسيطا من المسألة، بل لأن غالب الأمر يقيننا في الشر المحض وليس في الخير المحض
عندما تجد نفسك محبطا ومغتما لأن المسألة قاهرة فحينها يكون ذلك هو الوقت المناسب لتستمع وترى بسلطان البصير ما أريد لك أن تراه، لترى أين ميل نفسك أهو إلى الهوان أم العزة، أم هو إلى النصر أم الخذلان، أم هو إلى التمكين أم الخيبة والخسران، صحيح وليس ربما يكون هناك جوانب أخر غير مرئية تتبطن الأحداث السلبية، لكن أصل المسألة وكشفها يبدأ بكشف بواطنك أنت في الأمر وميلك فيه، وحين تفتح قلبك يتكشف لك أرشيفك وتتجلى الموانع وينزاح العبء، وتلك يا عزيزي هي البداية الحقيقية لرحلة النمو والازدهار والتوسع التي تمهد لكشف المزيد من أوجه الخير في المسألة
إن أسوأ ما يمكن أن تفعله في المحن هو أن تقنط من رحمة الله، استيقظ... خاصة في المحن استيقظ أكثر
