كيف يحقق الزوجان علاقة صافية؟
يحقق الزوجان علاقة صافية من خلال الصدق، والتواصل العميق، والتقبل غير المشروط، مع بناء الثقة والاحترام المتبادل، أجل عن كل هذا بسيط جدا ولكن.....
عبد النبي بكون


مهما كان قدر طموح الزوجين في تحقيق علاقة صافية بينهما، فهو يبقى ضعيفا جدا ما لم يتم سلك السبل القويمة التي أكد عليها الخبراء والمختصين في القيادة الذاتية وتطوير الوعي والعلاقات الصافية التي لا يذوب فيها طرف لصالح طرف آخر، بل هما يتناغمان فيها وبالشكل الذي لا يشعر معه كل طرف أنه يفقد نفسه أو يقوم بما يسمى بهراء التضحية
كان ستيفن آر كوفي قد تحدت في معظم كتاباته عن أهمية العادات السبع في واقع المرء مهما كانت مهمته التي يقوم بها في هاته الحياة، ومن تلك العادات المهمة جدا نحن هنا نعمل على تفعيل العادة التي تقول: اسع إلى فهم الآخرين أولا ثم اسع إلى أن يفهموك، وهذا هو ما نحن بصدده هنا في هذا المقال وفي عدد آخر من المقالات التي سبق نشرها وعدد آخر نعمل عليه سيتم نشره في وقت لاحق وقريب جدا
لدينا هنا بين أيدينا خمسة نقاط مهمة جدا وجب أن يفهمها كلا من الرجل والمرأة للحصول على علاقة صافية بينهما، وفي النقطة الخامسة سنطيل الكلام بما يفيد ويغني عن الاحتياجات الستة ذات الأولوية لكل من الزوجين
1المرأة تعطي ما تريده المرأة، والرجل يعطي ما يريده الرجل
تحدث الدكتور جون غراي في كتابه الشهير عن الرجل والمرأة ومحاولة كل منهما التعبير عن حبه للآخر، وفصل في ذلك مطولا مع شيء من التبسيط لتسهل الرسالة وتصل لجميع أنواع الثقافات والأعراق
وكان من أهم ما تطرق له أن المرأة حين تحاول التعبير عن حبها للرجل فهي تفعل ذلك انطلاقا مما تتوقعه هي من الرجل حين توده أن يعبر عن حبه لها، وكذلك الرجل يعبر عن حبه للمرأة انطلاقا مما يتوقعه هو أن تعبر به عن حبها له، فيحدث أن يتلقى الرجل ما كان يجدر أن تتلقاه أنثى، وتتلقى الأنثى ما كان يجب أن يتلقاه الرجل
2كلاهما يمنح الحب وبالشكل الغير مناسب
يظهر جليا من خلال هاته العملية سوء الفهم الكبير بين الرجل والمرأة، مع أن كليهما في الحقيقة لديه حسن نية في التعبير عن حبه للآخر وهو صادق في ذلك، لكن كليهما يفعلان ذلك بالشكل والطريقة الخاطئة أو غير المناسبة
3كلاهما يشعر بعدم تقدير هذا العطاء
وبطبيعة الحال فلهذا الفعل أثر سلبي على كلا الطرفين، بحيث يشعر كل منهما حين لا يلقى الاستجابة المناسبة بأنه يقوم بالمستحيل لأجل الآخر لكن هذا الأخير لا يقدر حقا ما يقوم به له ولأجله، ويراه كثير التذمر والشكوى ومتطلب أكثر من اللازم، ويستمر الأمر ويكبر معهما إلى أن تصير الحياة بينهما لا تطاق، وهذه نتيجة طبيعية فنحن لم نتعلم يوما كيف نفهم ونتفهم ونحسن التعامل مع شريك الحياة
4الوعي بالاحتياجات يقوي فرص النجاح
ومن حسن حظنا أن كل ذلك يتلاشى بمجرد وعي كل طرف من الزوجين بالاحتياجات الأولية لكل منهما، وهي كما ذكرها الدكتور جون غراي في كتابه اثنتا عشرة احتياجا، تختلف الأولوية فيها بين الرجل والمرأة
الجميل هو أن مجرد الوعي بهاته الاحتياجات جميعها وبالأولوية فيها لدى كل طرف من الشريكين او الزوجين يحررهما من الكثير من الأحكام والظنون والانفعالات التي لا قيمة ولا معنى لها، فالأمر يبدأ يحدث تلقائيا مع كل طرف منهما خلال التعبير عن حبه للآخر، صحيح أن الأمر يحتاج وقتا ليصير عادة لكن الوعي به يحدث فارقا كبيرا جدا في التفاعل بين الزوجين وحتى في ردود أفعالهما تجاه بعضهما
5الاحتياجات الستة لكل من الرجل والمرأة
أول تلك الاحتياجات عند المرأة هي الرعاية وفي مقابلها عند الرجل نجد الثقة، وهذا يعني أنه كلما نجح الرجل في رعايته واعتنائه بالمرأة فهي تبدأ تثق به، هاته الثقة التي تجعلها أكثر انفتاحا
والحاجة الثانية للمرأة هي التفهم وقد سبق الحديث عن هاته الحاجة في مقال آخر سبق نشره، وخلاصته أن انصات الرجل لزوجته وتفهمه لها وتجرده من الحكم عليها والانفعال منها حين تعبر عما يخالج صدرها، ونجاح الرجل في هذا يجعلها هي تبدأ تتقبله وتتخلى عن رغبتها في تغييره ليكون مقولبا بحسب الشكل الذي تريده هي، إنها لم تعد بحاجة لذلك فهو يعلم جيدا ما تحتاجه ويمنحها ذلك بسخاء، وشعوره هو بأنها تتقبله وتتخلى عن رغبتها في تغييره يطمئنه الى أنها واثقة جدا بأنه قادر على تطوير وتحسين نفسه بنفسه، وكلما استقبل منها ذلك كلما زاد هو في حسن الانصات لها وتفهمها
ممارسة الرجل لكل ذلك يجعل المرأة تشعر بالاحترام لها ولرغباتها وأن حاجاتها محترمة كذلك، وشعورها بهذا الاحترام يدفع بها إلى منح الرجل التقدير الذي يرى أنه يستحقه ويتجلى ذلك من خلال اعترافها بمجهوداته وسعيه الحثيث، هنا يشعر الرجل بأن كل جهوده لم تذهب سدى فيبدأ يزيد في العطاء وأفضل
كلما شعرت المرأة بالإخلاص من الرجل لها من خلال منحها الحب والاهتمام باحتياجاتها ذات الأولوية بدل الانغلاق على نفسه والتقوقع في قوقعة العمل والمسؤوليات المادية أو غير ذلك فهي هنا تبدأ تغدي لديه حاجته إلى الإعجاب، ونحن هنا نتحدث عن تشريفها له من خلال الرفع من شأنه واستحسانه وليس عن الاعجاب المبتذل في الاعلام التافه
أيضا من الحاجات ذات الأولوية لدى الرجل وهي حاجة مرتبطة كثيرا بحاجته للإعجاب ألا وهي الإستحسان، وتمنحه المرأة الرجل الذي يقدر حاجتها للمصادقة على مشاعرها وانفعالاتها بدل محاولة مساعدتها من خلال المبادرة الى اقتراح الحلول أو التنبيه الى أنها ليست مدعوة بالضرورة للقبول بما يمكن أن تكون هي تشتكي منه، فمحاولة ذلك تشعرها بأن الرجل يرفض حقها في الشعور بما تشعر به، ومثلما يرفض هو محاولتها تغييره فهي ترفض أيضا محاولته في التأشير على أنه ليس من حقها أن تشعر بما تشعر به
إذا فنجاحه في المصادقة سيحقق استحسانها له ويحقق أيضا لديها الرضى الشامل عنه
أخيرا فالمرأة بحاجة للطمأنة ونجاح الرجل في كل الذي سبق يمنح المرأة الشعور بالطمأنينة من أنه يهتم بأمرها وأولوياتها ويرعاها حق رعايتها، لكن ذلك غير كاف فهي تبقى دوما بحاجة لهاته الطمأنة في المقابل يحتاج الرجل من المرأة المزيد من التشجيع من خلال احترام اختياراته والثقة بأنه قادر على التجاوز وأن لديه كل المؤهلات والإمكانات للتألق
أرجوا أنها قد كانت قراءة ممتعة ومفيدة لك في حياتك الخاصة، إلى اللقاء في مقالات أخرى في نفس السياق