ثلاثة أخطاء تقوي سطوة الماضي

الماضي قد يكون درسًا نتعلم منه أو سجنا نبقى عالقين فيه، والفرق بين الأمرين يعتمد على الطريقة التي نتعامل بها معه، هناك ثلاثة أخطاء شائعة نرتكبها دون وعي، تعزز سطوة الماضي علينا وتمنعنا من التقدم

الوعي الفائق

حمولة
حمولة

قد يعتبر الماضي بكل سيناريوهاته وخاصة السيئة والشديدة منها عبئا ثقيلا على الكثيرين، خاصة أولئك الذين ولدو وترعرعوا في بيئات قاسية وصعبة، والحقيقة أن خطورة هذا العبء لا تكمن في الماضي بذاته ولا في أحماله بذاتها، بل تكمن في تشبتنا نحن بها وتمسكنا بها، وعدم السماح للماضي وتجاربه بالرحيل

لأجل ذلك نعتبر أن استحضار المواقف والأحداث والتجارب السلبية من خلال الحكي عنها للآخرين سواء لأجل الحكي فقط أو لجلب الاستعطاف، وكذلك من خلال الحكي للنفس واستحضار تلك السيناريوهات والمواقف الصعبة، أمرا خطيرا على صاحبه، فهو في الحقيقة لا يغير شيئا من واقعه سوى أنه يزيد مشاق الحياة ومصاعبها وجعل من تلك السيناريوهات نسخا مكررة في واقع صاحبها

دعني أخبرك أن كل ما تقوم به التذمر والشكوى ومحاولة استجلاب العطف وهذا أيضا لا يساعدك، فبالشكوى والتذمر أنت تلغي وتنفي الامتنان من واقعك، ومحاولة استجلاب عطف الآخرين تعود عليك بنفور الآخرين منك، فالآخرون لا يحبون التواجد بقرب من مجالسه شكوى وتذمر، فالنفس تنفر منه وتفر بعيدا عنه

القول بأنك قد عانيت لا يجعل منك بطلا، وإظهار أنك ضحية للماضي لا يقدم من أمرك في شيء، لذا أرجو أن تدرك أنك تلعب بمصيرك وبمصير كل الذين تحبهم، وكل ما سيحدث هو أننا سنعود إليك بعد خمس سنوات لنجدك تتحدث عن نفس القصص والقصص الأخرى التي حدثت جراء القصص الأولى

يجب أن تعلم علم اليقين أن ما قيل في استحضار التجارب السلبية الماضية يمكن قوله أيضا عن استحضار المشاعر السلبية والتمسك بها، صحيح أن تلك المشاعر السلبية هي نفسها وليدة تلك التجارب ووليدة مورثات من الماضي السحيق، لكني أخصها بالذكر هنا كي تتوقف عن ممارسة الحمق بحق نفسك

من هنا تعلم أن عدم الصفح وتحرير الماضي، سيجعل من حياتك سجنا بلا أسوار تحيط به، كلما اتسعت مساحات معاناتك كلما زادت مساحة سجنك، إنني لا أعلم حقا كيف نجرؤ على التركيز على الماضي؟ وبذلك نقوم بالتخلي عن كل الهبات والهدايا العظيمة التي يمنحنا إياها القدير سبحانه

ما أريد قوله أن حياتك كلها تتمحور حول الآن وليس على الماضي أو المستقبل، وقد تحدثت عنهما وكيف يوظفهما الإيكو للهروب من الآن في مقالات سابقة

في الختام أحب أن أخبرك أن الأمر مجرد لعبة...، نعم الحياة مجرد لعبة ستقدم لك نفسها بكل سخاء حين تلاعبها بشروط وقواعد سهلة وبسيطة، ولكنها أيضا قد تكون لعبة سيئة لأولئك الذين أخذوها بجدية، فهي لطالما أهلكت من كان مصرا على أن يكون جديا معها

لا أعتقد أنه يناسبك أن تستمر في لعب دور الضحية وتحطم حياتك وتدمرها أكثر، أنا أيضا لا يناسبني ذلك، تخيل أن أتخلى عن التنعم بالحياة!!! يا للغباء!

إن ما يناسبنا حقا هو استحضار النعم التي نحن فيها، واستشعار المشاعر الطيبة الرائعة التي تسعد بها قلوبنا وأجسادنا وعقولنا وأرواحنا وتنسجم وتتوافق فيما بينها من خلالها