أحسن طريقة للتعامل مع الألم
الألم جزء من التجربة الإنسانية، ووحدها كيفية التعامل معه تصنع الفرق قبل تحوله إلى معاناة، في هذا المقال، نستكشف أفضل الطرق لتحويل الألم إلى قوة، والتعامل معه بوعي يساهم في الشفاء والنمو
عبد النبي بكون


حين لا ندرك حقيقة وطبيعة مواقف الحياة ستجتاحنا المشاعر الغير حميدة ويمكن أن نجد أنفسنا محاصرين بين جدران اليأس والإحباط، نحن نعلم جيدا بأن الحياة ومن منظور قاصر ومحدود مليئة بالتحديات والصعوبات التي قد تثير داخلنا مشاعر الألم والحزن، وفي تلك اللحظات الصعبة نميل بوعينا القاصر إلى الانهزام والاستسلام، ولكن أحقا هذه هي المسألة؟
في الواقع، يمكن أن تكون لحظات الألم والصعوبات فرصتنا الذهبية للنمو والتطور، لكن هذا سيكون حلا مستعجلا ومتسرعا جدا لأن الحل الحقيقي يبدأ بإدراك ما الذي يجعلنا حقيقة نتألم إن لم يكن الرفض والمقاومة، أي أن أصل المسألة والمدخل للحل والتشافي هو الوعي بما نرفض وجوده كمكروه وما نرفض السماح بوجوده كاحتمال أفضل لنا وذينك الأمرين ما نقوم أيضا
لقد أصبح مبتذلا القول بأننا عندما نتعرض لتجارب صعبة سنجد أنفسنا محاصرين بالشعور بالضعف والعجز، ولكن بالمقابل أصبح أيضا مبتذلا الخبر عن أن تلك اللحظات تحمل بين طياتها القوة الحقيقية والعزيمة على القرار الذي سنتخذه بالنسبة لأنفسنا، نعم وربما سيشعرنا هذا بالألم أكثر لكن أصل المسألة هو تبين مكمن الخلل ومن تم الإصلاح والتقويم وإعادة توجيه دفتنا، وليس هذا كي لا نشعر بأننا غارقون في بحر من اليأس ولا لأننا حين نسمح بهذه المشاعر ستقوم بتوجيه مصيرنا نحو الهاوية، لا... ليس أي من هذا هو السبب الحقيقي، إن أصل المسألة هو أننا في مهمة والمهمة تريد ذوي الهمة في أفضل احتمالاتهم حتى على مستوى اتخاذ القرار والوعي الذي يتخذ من خلاله القرار
هنا تبرز القوة العظيمة لإرادتنا، عندما نقرر أن نتحرك دون التعلق بمعنى ولا بموقف ولا بقصة ولا هروبا، فقط نقوم بتجسيد نيتنا المتفقة مع إرادة ومشيئة الله والوعي بأن القرار بالتحرك ليس مجرد قرار بالانتقال من نقطة إلى أخرى، بل هو تعبير عن توجه وحالة وعي عميقة لا تكتفي بأن يتراءى لها هناك ضوء في نهاية النفق، بل تصنع النور حتى وهي في النفق فلا تشغلها ظلمة النفق عن نيتها أو نورها سمها ما شئت
إن حركتنا الموجهة والمركزة في الوقت الذي نشعر فيه بالألم تعني بأننا نمتلك القوة الداخلية لتجاوز الألم، لكن من الجيد اليقظة للعبة الأنا في الألم لأنها بالتأكيد ستستغله كحافز للتحرك وهذه ستكون مجرد حركة إلهاء عن الحركة الأساس التي يمكن أن تفعل من خلالها قوتك الإبداعية، إن الأنا تعرف تماما ماذا يمكن أن تفعل أنت إن فهمت الألم وحقيقته ولذلك فهي تعمد إلى استغلال انجرافك خلف الألم من خلال القصة التي يمكن أن تحكي عنه أو من خلال استغلال يقظتك وانتباهك من خلال استغلاله كفخ العامل المحفز
إن اللحظات المؤلمة تدفعنا لاستكشاف حدودنا الوهمية وتجاوزها، وإذا ما أردت حقا أن تتغلب على الألم فتوقف عن الانجراف خلف الميول المرافقة لوجوده في عالمك وابدأ التصرف بحكمة من خلال التوقف عن الرفض والمقاومة والبدء في الاختيار، من السهل القول بأن عليك أن تتحرك وبأن عليك أن تنظر إلى الأمام وتمضي قدما رغم كل شيء، ولكن المسألة تتعلق بهويتنا ورسالتنا وهذه الخطوة تمنحنا الفرصة لاكتشاف كينونتنا ولم نحن هنا؟