مبادئ ذهبية للتعامل من الخجل

الخجل قد يكون عائقا أمام التعبير عن الذات وبناء علاقات قوية، لكنه ليس صفة ثابتة لا يمكن تغييرها. في هذه المقالة، سنستعرض المبادئ الثلاثة الذهبية التي تساعدك على التعامل مع الخجل بوعي

الخجولة
الخجولة

يواظب الناس دوما على شيء ما وقد جبلوا على العادة والتعود، ويحدث أن يتعود المرء على ما يضره ويؤذيه، وليس ذلك ببلادة ولا بقصد تدمير الذات منه لكننا برمجنا برمجة وشربنا من مشارب متنوعة ومختلفة، وكان أن شربنا منها الضار والنافع معا واختلط الأمر بنا وعلينا حتى فقدنا النقاء أو الفطرة التي كنا عليها يوم ولدنا، ولم نتعلم أن نسأل يوما إذا كان ما نواظب على ممارسته ينمينا ويساعدنا على التطور أو التحسن أو التعافي، ولعل واحدة من أقسى العادات التي تعودناها هي القسوة على أنفسنا ورفضها والحكم عليها وقد وصلت بنا المواصل حد التنكيل بها، وليس الخجل المبالغ فيه إلا واحدة من تلك الصور البشعة، فنحن نمارس الإختباء والإختفاء والهروب من خلال الخجل سواء من التحدث أمام الملأ أو التواجد بينهم أو في التعامل بين الذكور والإناث أو بين المتهم ظلما بالكسل وأقرانه المتصفين إجحافا وتضخيما بالمجتهدين والنوابغ، ووقع منا الخلط بين الحياء والخجل المبالغ فيه المجاوز حده، لكن من نعمة القدير الرحيم علينا أنا وهبنا الدواء لكل داء، ولعل أحد الأدوية المهمة والفعالة والأكثر تأثيرا في التعافي من الخجل هو ممارسة التقبل بدل الرفض الذي نمارسه على أنفسنا وذواتنا ويزيد من مشكلاتنا ويعمقها أكثر حتى تصير معضلة تدفع بنا للإنعزال، فما الذي سنتقبله؟ وكيف ذلك؟

أولا: أتقبل نفسي

إن مجرد محاولة التخلص من الخجل ستدفع به إلى التزايد أكثر ومقاومه التحرر منه، إذا كنت تود التأكد من ذلك فعد بذلك إلى كل تلم الأمور التي حاولت وجربت تحقيقها بالقوة فهل كان منها إلى أن تضاعفت وتقوت، وكم من الأمور تركتها دون الرغبة في التخلص منها وقد تحررت منها بلا حول منك ولا قوة

لذلك فالأصل أن تتقبل نفسك كما أنت وهو بداية التعافي والتحرر، وأن تحب نفسك كما هي بلا قيد أو شرط، وليس هذا يعني أن لا تعمل شيئا حيال ذلك بل إنه أمر يسهل سلوك درب التحرر أمامك ويبعد عنك المشاق والمقاومة الداخلية

إذا فالبداية الصحيحة أن تتقبل حالة الخجل وحقها في التواجد، وتنتبه إلى أنها مجرد تذكرة لك لتتذكر مساجينك فتطلق سراحهم لتطفوا الشجاعة والعظمة التي بداخلك

ثانيا: أتقبل تعامل الآخر معي

من الجميل أن ندرك أن الطريقة التي يتعامل بها الآخرون معنا هي متعلقة بالكلية بهم وبما يشعرون به هم وبأحكامهم على أنفسهم وبالشروط التي يضعونها في الحياة، وبالنقص أو الضعف العميق الذي يشعرون به، لذلك فمن الجلي أنه لا جدوى من ردود أفعالنا على طريقة تعاملهم معنا اللهم إن كان الصمت والتجاهل والأهم التقبل

نتقبل أن الآخرين هم كذلك بما هم عليه وبما بهم من بلوى فلا حكم ولا تصنيف، أوليست الحياة مرآة ما بداخلك، فلم لا نرحمهم ونرحم جهلهم بأنفسهم وبلا شفقة

نتقبل ونتفهم أن موقفهم متعلق بهم وأنه لا صلة له بنا، فنحن فقط أيقظنا وحشهم النائم في سجونهم الداخلية، والحمد لله أن كنا لهم هداة مهديين، فإن أدركوا ذلك فهنيئا لهم وإلا فلا، وليس علينا في الأمر شيء إلا أن نتحرر من الخجل فتلك مهمتنا، وليست قضيتنا تغيير العالم

ثالثا: أتقبل تعاملي مع الآخر

قد يحدث وأنت في طريق التعافي أن تكون لك ردود أفعال قاسية حيال تعامل الآخرين معك وردات فعلهم التي كثيرا ما تكون مستفزة ويظهر أنها تستحق التوبيخ أو أسوأ من ذلك فبعض الناس لا يتوانا في الأذية من كثر ما هو ضعيف ويعاني في دواخله، فكيف التعامل مع نفسك وذاتك هنا؟

في الحقيقة يجب أن تفهم وتعي جيدا أن المسألة كلها تتمحور حول التقبل والتخلي، تخلى عن رغبتك في أن تكون مثاليا ومستقيما، وتخل عن مقاومة النقص فيك مثلما يجب أن تتخلى عن مقاومة الآخرين ومثلما يجب أيضا أن تتخلى عن مقاومة التغيير.....، وتقبل أن ما يحدث قد حدث لأمر ما، وتقبل مثل ذلك أنك خطاء ولا بأس بذلك فكلنا ذاك الرجل

يكفيك مقاومة لكل حالاتك ورفضك لها واسمح برحيل تلك الإنفعالات والمشاعر والأفكار التي لا تساعدك في شيء خاصة إذا لم تتعلم أن تحسن استثمارها لأجلك

خاتمة: إن هاته العناصر الثلاثة تعتبر المبادئ الأساسية والذهبية للتحرر والتعامل مع الخجل، وهي في الحقيقة تعمل معا وتساعدك أكثر في تحقيق مأربك، فمهما تعددت لديك الأدوات والوسائل فإنك تبقى بحاجة للمبادئ الثلاثة ليس كمبادئ للتعامل مع الخجل ولكن كمبادئ تعتمدها في حياتك بشكل عام