خمس خطوات للتعامل مع الخجل

التعامل مع الخجل يبدأ بالفهم الذاتي وتجاوز الأفكار السلبية، والتدريب على المواقف الاجتماعية، من خلال بناء الثقة بالنفس وتطوير مهارات التواصل، يمكن تحويل الخجل إلى قوة تعزز العلاقات والتفاعل

صورة تعبر عن الخجل
صورة تعبر عن الخجل

كلنا قد جرب يوما ما خشية المجهول والخوف منه، والعديدين منا مازالوا يعيشون الحالة نفسها غالب أوقاتهم بوعي وبدون وعي أحايين كثيرا

يعد الخوف من المجهول ومن ردود أفعال الناس حيالنا وموقفهم منا أحد أبرز أسباب الخجل من الحديث أمام الناس أو التواجد في التجمعات البشرية أو تولي أحد المناصب القيادية حتى، فكثيرا ما ضيعت فرص وطاقات هائلة بسبب الخجل الذي له أيضا مسببات أخرى كثيرة ومتنوعة، لكننا هنا في مقام الحديث عن أهم خمس خطوات للتعامل مع الخجل، وأشير هنا إلى أني لا أراه مشكلة بل هو ميزة عظيمة فقط نحن لم نحسن التعامل معها

يحاول الكثير من الناس البحث خارجا عن الأسباب التي تمنعهم من النجاح في التخلص من الخجل، يفعلون ذلك بجدية وإصرار وهي واحدة من ألعاب الإيكو بحيث يشغلك بالخارج حتى لا تنتبه للداخل، لذلك فالخطوات الخمس للتعامل مع الخجل هي كلها آليات قوية تعمل على الباطن وليست مجرد هراء لا بأس في عدم القيام به، لذلك وإذا كنت مستعدا فعلا وحقا للتعامل مع الخجل فإليك أهم خمس خطوات للتعامل من الخجل وأكثرها فعالية وتأثيرا:

1- القــــــــرار

إن واحدة من أكثر مشاكلنا تأثيرا على مساراتنا الحياتية هي قلة إن لم نقل انعدام الشجاعة في اتخاذ القرار الحازم والجازم والفاصل والقاطع الذي لا رجعة فيه حيال ما نريد حقا

لا شيء جديد في ذلك فنحن لم نتعلم أبدا كيف نتعامل مع كل ما يتعلق بحياتنا الخاصة أو المهنية، لذلك تجدنا نجد صعوبة في الاختيار بين أمرين حتى فيما سنأكله لا نستطيع الحزم فيه!

إن القرار بالتعامل مع الخجل هو في الحقيقة قرار بحياة الحياة بشجاعة وإقبال، لذا دعني أخبرك أنك وإذا ما كنت تود حقا التعامل مع الخجل فليكن قرارك حازما بذلك وجازما بأن تحيا الحياة بشجاعة، وليكن أيضا قرارا فاصلا بالشجاعة فهو يفصل بها بينك والخجل وكل ما يجر به عليك، وقرارا قاطعا يقطع بين الماضي والحاضر فلا يكون ماضيك هو ما يصنع حاضرك ولا يكون حاضرك رهينة ماضيك بل هو اللحظة التي تبني من خلالها كيانك القوي والشجاع والملح على الحياة المقبل عليها بكل حب

هنا فقط تستطيع أن توقن أنك قد اتخذت قرارا حقيقيا وأنك صادق به وحينها تستطيع المرور للخطوة الثانية

2- الإنصات لحواراتك الداخلية

لقد تعلمت عبر الأيام أن البحث خارج ذاتي عن الحلول السحرية هو بحد ذاته هروب من الحل ومن الذات وحبها والتصالح معها، مثلما علمتني الأيام أن الإنصات لذاتي وللصوت الداخلي كنت أقرب إلى نفسي مثلما هي كذلك تكون معي

فالأصوات الداخلية التي تسمعها هي في الحقيقة ليست هواجس ولا وساوس ولا أي شيء آخر من ذلك، فإذا كنت تود فعلا التعامل مع الخجل فالإنصات لهاته الأصوات يرشدك حتما في الطريق

كيف ذلك؟

إنك بتعلمك الإنصات للصوت الداخلي وللحوارات الداخلية تستطيع كشف كل تلك الأفكار والمشاعر التي تجعلك تشعر بالخجل من الناس أو من الحديث أمامهم، وهنا يحدث أمران، الأول أن تستمر في المراقبة وهو ما يضعف تلك الأفكار والمشاعر ويقلل من سطوتها عليك فتبدأ تدريجيا في التحرر منها ومن نتائجها عليك وأهمها الخجل من الحديث أمام الناس وغيره من أنواع الخجل، والأمر الثاني هو أنك تستطيع عكس تلك الأفكار للحصول على تأكيدات إيجابية تكررها صباح مساء أو تسجلها في الهاتف وتسمعها لنفسك خلال النوم أو خلال انشغالك بأمور أخرى

ثم تأتي الخطوة الثالثة والتي هي في الحقيقة مكملة ومتممة للخطوة الثانية من خطوات التعامل من الخجل

3- الســــــــؤال

ما الذي يمنعني حقا من التحرك باتجاه تحقيق هدفي؟ إن ممارستك لهذا السؤال كلما دخلت حالة فتور توقظ فيك جذوتك الداخلية، فهو يجعلك تقف وجها لوجه أمام نفسك فتبدأ تكتشف إن كنت حقا ما تزال مستميتا فيما يتعلق بقرارك بأن تتعامل مع الخجل وتسمح بظهور الشجاعة التي بداخلك أم لا، لذلك تعلم أن تمارس هذا السؤال دوما وتجدد العزم والنية بقرارك

أيضا يمكنك أن تسأل أسئلة أخرى من قبيل: كيف يمكنني أن أكون أكثر جرأة وشجاعة اليوم؟

وما الذي يمكن أن يكون حتى أكون أكثر جرأة وشجاعة؟

وما الذي يمنعني من التعامل من الخجل؟

إنها أسئلة مجرد طرحها والإكثار من ذلك دون الحاجة للإجابة عليها هو أمر يساعدك كثيرا على أن تتعامل مع الخجل

4- التــــــــدرج

لعلك قد لاحظت أنني وحتى هاته اللحظة أعطيك وسائل وأدوات تشتغل على الباطن فقط، ووحدها الخطوة العملية التي تشتغل على الباطن والخارج من خلال الدخول في الحالة هي الخطوة الرابعة من خطوات التعامل مع الخجل

المقصود هنا بالتدرج هو أن تقوم بخطوات بسيطة وصغيرة جدا وغير مكلفة بالنسبة لك، فمثلا إذا كنت تريد التعامل مع الخجل من الحديث أمام الناس، فانظر كم عدد الحضور الذين تستطيع الحديث بحضرتهم دونما خوف أو خجل؟

المطلوب هنا أن تبدأ في المران والممارسة على الحديث أمامهم لفترة قصيرة ثم تضيف على ذلك، كأن تزيد إثنين على عشرة أو خمسة على عشرة وهكذا الى أن تجد أنه لم يعد لديك خجل من الحديث أمام الحضور وتصبح تتحدث بأريحية واطمئنان

أو يمكنك أن تشتغل على زيادة الحيز الزمني، مثلا إذا ما كنت تستطيع الحديث أمام الناس لخمس دقائق فقط لا أكثر فإنه بإمكانك التدرب وممارسة المزيد من الحديث أمام الناس عددا من المرات لخمس دقائق ثم تبدأ تزيد خمسا أخرى وعشرا وعشرين الى أن تجد أنه لم يعد موضوع الخجل لديك حاضرا بل أصبح متجاوزا بلا جهد جهيد

5- الإعداد المسبق

الخطوة الخامسة هي في الحقيقة مرتبطة أكثر ومكملة للخطوة الرابعة، والإعداد المسبق سواء للموضوعات أو للأفكار التي تود مطارحتها أو مدارستها أو لردود فعلك أو أجوبتك على سؤال ما أو اقتراح ما لا يجب أن يكون مبالغا فيه فالمزيد من الحذر هو موجب للمزيد من المحذور فقط كن متوازنا وتقبل فيك بشريتك وضعفك مثلما تقبل أنك خطاء والكل كذلك، والنقص إن وقع فليس ضربا في قيمتك ولا مقدارك بل هو سمة فينا جميعا ولا بأس ببعض الحكمة فأنت تستحق ذلك

أرجو لك القدير العون والسداد في رحلة التعامل مع خجل وفي بروز الشجاعة والعظمة التي بداخلك فهو ولينا ومولانا والله المستعان