كيف نفوت الفرص الذهبية؟

ستمر أمامك فرص ذهبية وفيرة، لكنك لسبب ما تفشل في اغتنامها دون أن تدرك ذلك، في هذا المقال نستكشف الأسباب الخفية وراء تفويت الفرص، ونقدم طرقا عملية لتطوير الوعي والانفتاح لاقتناص الفرص المناسبة في الوقت المناسب

صورة متخيلة بالذكاء الصناعي تعبر عن الفرص والانتباه
صورة متخيلة بالذكاء الصناعي تعبر عن الفرص والانتباه

في الواقع هناك أسباب كثيرة وسلوكيات عديدة يمكنها أن تجعلنا نفوت الكثير من الفرص الذهبية في الحياة، لكن هناك اثنين من أشدهما على المرء، وقد ذكرت كثيرا أحدهما ولابأس من إعادة التنبيه له مرة أخرى في هذه المقالة

وأولهما هو الحكم، وذلك لأننا وبالحكم على بعض أشكال الحياة وخاصة ما يثير حفيظتنا ولا يسرنا منها إنما نعبر عن رفض بنية الحياة وشكل من اشكالها ووجه من أوجهها، وبذلك فنحن لا نثق بالمشيئة الإلهية وبحسن تدبيره سبحانه وتعالى وهذا فضلا عن أننا نرفض في الجهة المقابلة تلقي الحكمة من الموقف الذي نحكم عليه، إن أزمة الرفض وآفته هي نفسها كبيرة إبليس وقاتل أخيه وهي نفسها خطيئة بني إسرائيل ومن نحى نحوهم في الاعتراض على أمر الله ولو بدءا بمحاولة فهم ما وعينا قاصر عن فهمه وإدراكه، وهي أزمة تسهم بشكل رهيب في تعزيز حال الانفصال وتكريسه بحيث تتاح الفرص الذهبية للأنا لأجل بسط هيمنتها وتعزيز مكانة الكيانات الظلامية

ثم هناك الأمر الثاني هو الإغترار بالحياة، وذلك لأن لا شيء فيها مضمون أو ثابت والحال فيها متقلب لحكمة، وحتى لو وسعها وعينا هذه الحكمة ما وسع كل أبعادها إذ يبقى قاصرا أمامها أيا كان زخرف القول الذي يمكن أن تسمعه عن التوحد مع المصدر وقوة الاتصال بالله، نعم يمكن أن تفوت الفرص الذهبية للتوحد مع المصدر حتى في المعنى المبالغ فيه والمعطى للتوحد مع المصدر والإغترار به، لأن الأصل هو الفراغ من كل أشكال الامتلاء التي تخلقها الأنا وتسعى جاهدة لاستدراجنا من خلالها وبالتالي تكرس الانفصال حتى في ادعاء التوحد مع المصدر

إننا وعندما نتحدث عن الحكم على أشكال الحياة يظهر غالب الأمر التقييم السريع والسطحي دون التفكير العميق في القيم الحقيقية التي تكمن في كل تجربة من تجارب الحياة، ولكن أوجه الحكم على الحياة يمكن أن تكون أكثر تعقيدا من ذلك ويمكن أن تحمل بين طياتها حكما في حكم، بل قد تحمل في طياتها ما هو أكثر تعقيدا من ذلك كأن يحدث الاغترار بالحكم المطلق على موقف أو مسألة ما من مسائل الحياة

إن عالما مليئا بالمغريات والانحيازات يسهل علينا أن نغرد في عالم الافتراضات والتقييمات السريعة وحتى العميقة والمعقدة، مما يؤدي في كثير من الأحيان إلى تفويت الفرص الحقيقية للتواصل والتفاعل بشكل أعمق مع العالم من حولنا، إننا يمكن أن نجد أنفسنا محاصرين في دائرة ضيقة وفاقدين للقدرة على اغتنام الفرص الذهبية في الحياة فقط بقرار أو نية أو عزيمة خفية

يكون السبب وراء هذا هو انجرافنا الغير واعي خلف الحياة حيث نسعى حتى ولو بصدق دوما لتحقيق النجاح وتحقيق الأهداف دون وعي بالقيم الحقيقية التي نتجلى نحن من خلالها، فننظر إلى الحياة والناس والأشياء من خلال عدسة مشوهة بالتوقعات والمعايير الغير واعية مما يمنعنا من رؤية الجمال والحكمة التي تنبعث من باطن كل موقف

إن الصلة الحقيقية مع المصدر تبدأ من خلال القبول والتخلي، القبول بصور الحياة وأشكالها ما يسر وما لا يسر، والتخلي عن كل أشكال المقاومة التي تشكل الألم أو الاغترار، حتى نتمكن من التوحد مع المصدر واستخلاص الحكمة والفهم العميق من كل تجربة نمر بها في طريقنا، يمكننا الافادة الحقيقية من كل ما تقدمه الحياة لإتاحة الفرصة لحقيقتنا حتى تتجلى بأفضل احتمال