أهم ثلاث عوامل في جودة حياة الفرد

جودة الحياة لا تعتمد على الظروف الخارجية فقط، بل على كيفية تفاعلنا معها وتنظيم حياتنا، في هذه المقالة سنستعرض أهم ثلاث عوامل تؤثر بشكل مباشر على جودة حياة الفرد

يشتكي الكثيرون ممن رافقتهم في حصص المصاحبة والاستشارات من الشعور بالضياع، ووجدت في الواقع بأن أكثرهم ليست لديه مشاكل معقدة أو مربكة حتى ذلك الحد، بل إن كل شيء لديهم يوحي بكل خير

في الحقيقة يمكن أن يؤدي حتى الروتين الإيجابي إن صح التعبير إلى ضياع البوصلة لدى بعضهم، أي أن المشكلة لديهم ليست هي الحاجة أو فقدان الحب وغياب الإنجاز، ولكن مربط الفرس لديهم في ثلاث عوامل لاستشعار إلى أي مدى حياتهم جيدة بل أفضل من ذلك، ويمكن اختصار الأمر كله في اليقظة والحضور الواعي إلى أنه لابأس بذكر بعض العوامل التي تساعد على ذلك

أول تلك العوامل هو مسألة ترتيب الأولويات، إذ يمارس الكثيرون مهامهم خلال اليوم بدون وعي وبدون وجود معيار أو مقياس لما يقومون به، فيضيع الجهد ويفقد المعنى ويغيب الشعور الجيد والرضى وتهدر الطاقة ويحدث الاستخفاف الغير واعي بالكثير من الأمور ذات الأولوية

الأمر الثاني هو استثمار التواجد، سأستعمل هاهنا مثالا عن الأب إذ يعتقد الكثير من الآباء مثلا أن التواجد في حياة أبنائهم هو الحضور الفزيائي، في حين أنه هو الجواب عن سؤال إلى أي مدى أنت حاضر في حياة أبنائك؟

لا أتحدث هنا عن التواجد الغير فعال كأن يدخل الأب البيت فيغرق في شاشة التلفاز أو يلتهي بشيء ما لا علاقة لأبنائه به، هذا ليس هو التواجد، لأن مفهوم استثمار التواجد هنا في هاته الحالة يعني أن تمنح الأطفال الوقت الكافي مع التركيز الفعال، فما يفعله أب مع أبنائه في ربع ساعة لعب هو أفضل من حضور الأب لساعتين وهو يشاهد التلفاز، نفس الأمر يمكن أن يقال أيضا عن التواجد في مقرات العمل وتأدية المهام وأماكن الترفيه والأسواق أو خلال المناسبات الخاصة

إن استثمار التواجد يعني استغلال اللحظة لأبعد تقدير باستمتاع وبشكل فعال

الأمر الثالث هو التعامل الراقي، أنت لست عاديا لتقبل بأن تكون متواضعا في تعاملك مع نفسك ومع ما له صلة بك... كيفما كان هذا

التعامل الراقي مع الحياة يجعل منا كائنات بناءة حين نبني ونعمر وحين نصغي للحياة ونستقبل رسائلها، وحين نلعب لعبة التغافل عن كل ما يمكن أن تكرهه أنفسنا، وأقصد بالتغافل هنا التغافل عن التفاعل مع والحكم على، نحن نكتشف ونكشف عن طريقنا كلما خطونا خطواتنا برقي ويمكننا أن نكون جميعا رابحين في هاته الحياة، فهي ليست مبنية على الربح والخسارة بل إن لديها القدرة على أن تجعل من الكل رابحا

لأننا كائنات عظيمة ونستحق أن ننعم بذلك قدمت بين يديك هاته المقالة كهدية مني إليك لتتوقف عن الاعتقاد بأنك لست كافيا ولا تقوم بما يكفي وتبدأ في الانتباه لتلك التفاصيل الدقيقة التي يمكنها أن ترفع من درجات الرضى عندك

دعواتي لك بكل الحب