كيف تؤثر الأحكام على حياتنا؟
الأحكام التي نطلقها على أنفسنا والآخرين والحياة قد تشكل واقعنا بطرق غير متوقعة، في هذا المقال، نستكشف كيف تؤثر الأحكام على أفكارنا، علاقاتنا، ونمط حياتنا، وكيف يمكننا التحرر منها لعيش حياة أكثر وعيا وتوازنا
عبد النبي بكون


أذكر ذات يوم وبين أنا منغمس في تأملاتي المبالغ فيها حول الحياة وفي أعماق كل درب من دروبها، رأيت كيف أنها لا تنحصر بين شوك وورد، ولا بين حزن وفرح، ولا حتى بين يأس وأمل، لأنها ببساطة حمالة أوجه وتماما كما يمكن للشر أن يستبطنه خير يمكن للخير أن يستبطنه شر، إن ما يجعل دروب الحياة تتحول من السهولة إلى التعقيد ومن التعقيد إلى السهولة واليسر هو موقفنا، إن ما سيجعل الوضع المهيمن عندنا أهي السعادة أم التعاسة، أم هو اليقين أو الشك هو نفسه موقفنا من مواقف الحياة، لأن الحياة بطبيعتها مبرمجة على خدمتنا وهي تتجه حيثما اتجه تركيزنا ونياتنا
في الواقع لا يمكن لأحد أن يتوقع ما سيواجهه في طريقه على هذه الدرب، لكن اختياراتنا وردود فعلنا هي العامل الأساس الذي قد يجعلها سهلة ومبشرة أو عكس ذلك، نعم إن الأمر سرعان ما يتحول إلى متاهة معقدة حيث يمكن أن يغيب الأمل وينكسر القلب وتتشابك الأمور، بل وقد تبدو الأحلام بعيدة المنال مما يجعل المرء يشكك حتى في جدوى هذا الوجود، نعم كل ذلك صحيح وبنفس القدر يمكن أن يكون العكس بسبب موقف أو موقف من موقف
إن ما يميزنا هو قدرتنا على تحويل الأوضاع إلى فرص ونعم بينما كان يمكن أن تكون الحياة قاسية ومريرة معنا، إلا أنها نفس تلك الميزة يمكن أن تعمل ضدنا حين نتصرف بغير وعي وننجرف خلف أحداث الحياة ومخططات الكيانات الظلامية، لتتحول لحظات محتملة من الجمال والسعادة الخالصة إلى مزيج من المرارة واليأس
الواقع هو أن في كل رحلة نحن الحكام الوحيدون لمصيرنا ونحن من يحدد ما إذا كانت الدروب ستكون شائكة أم مزهرة، إذا كنا سنستسلم لليأس أم سنستمر في السعي وكلنا رضى على الله ومع الله، إن الثقة بتدبير الله وحكمته قوة عظيمة يمكنها أن تقلب حال المرء من حال لحال يكون فيه هو الفائز المنصور بغير حول منه ولا قوة
إن مع الموقف السليم من مواقف الحياة والتجرد من الأحكام عليها يجعل حتى السهولة تفقد معناها وخاصة حين نتجرد من المعنى، والمسألة ببساطة هكذا: الدرب يمكن أن تكون شائكة ويمكن أن تكون مزهرة ويمكن أن تكون كل ذلك وغيره ونحن من يحدد ماذا؟