كيف أكون أفضل في العلاقات الانسانية؟
لتكون أفضل في العلاقات الإنسانية، ركز على الاستماع الفعال، والتعاطف، والتواصل الصادق، واحترام الاختلافات، بناء علاقات قوية يتطلب وعيا ذاتيا، وتقديرا للآخرين، وتفاعلا قائما على الثقة والتفاهم
عبد النبي بكون


يحاول الكثيرون جعل حياتهم أفضل من خلال جميل تعاملهم مع الناس لكنهم كثيرا ما يفشلون في ذلك ودون معرفتهم بأسباب فشلهم حتى، شخصيا لطالما أكدت لي كل تلك التجارب الفاشلة التي عشتها خاصة في العلاقات أن مصدر الفشل الوحيد هو أنا، فكيف حصل ذلك؟
لقد كان الأمر في البداية متعلقا بحسن النية، وهذا للأسف هو أكثر ما ساهم في فشل تلك التجارب في أي اتجاه كانت، فمن خلال حسن نياتنا نخلق أيضا مجالا واسعا لتوقعاتنا وانتظاراتنا من الآخرين والأشياء، وبذلك ننسى أن الكل نسخ متفردة ومنفصلة تماما عنا وعن نياتنا اللهم فيما كان في اتجاه خلق التوازن وهو ما يجعلنا نفشل كرسالة لنا، لكننا في الغالب نتجاهل ذلك
كل ما يحدث هنا يعلمنا فعلا أننا بحاجة لستة أشياء كي نستطيع تجاوز كل ذلك والانتقال بحياتنا لمستويات أعلى
أتقبل تعاملي مع ذاتي
من الأخير لا يمكنك أن تكون أفضل نسخة منك إذا لم تحسن معاملة ذاتك، هذا أمر سبق مني الحديث عنه بشكل عام في مقالات عدة، وأول ما يمكن أن تحسن معاملة ذاتك من خلاله هو أن تتقبل كل ما كان يصدر منك تجاهها، هذا أفضل من الشعور بالذنب وجلد الذات، وحتى هاته المشاعر سيأتي الحديث عنها هنا في النقطتين الرابعة والسادسة
يكون التقبل أكثر نجاحا معك حين تحب نفسك كيفما كنت، والقصد هنا ألا تتوقف عند كل سوء تصرف منك حيال نفسك، بل أن تمارس التسامح معها وتواصل المسير، فلا شيء أبدا يدعوا لهدر طاقتك عليه، فهي كلها مواقف تعلمك أن تتصل بنفسك أكثر ليتحقق لديك اتصال أكبر من ذلك
أتقبل تعاملي مع الناس
ما قيل عنك مع نفسك في الفقرة السابقة يمكن قوله أيضا عن تعاملك مع الآخرين، وهذا لا يعني ان تكون فظا معهم ولكن أن تكون كريما فلا تجعلهم سببا لشعورك بالذنب أو ممارستك القسوة على نفسك حين لا تحسن التصرف أو المعاملة معهم، كما سبق أن قلت لا شيء يستحق الوقوف عنده مطولا، فتقبل تعاملك مع الآخرين هو فرصتك للمرور للمستوى التالي من علاقتك معهم وهذا ما لا يتوفر حين تكون من النوع الذي يقف عند كل شاردة وواردة
أتقبل تعامل الناس معي
إذا كان عليك أن تتقبل تعاملك مع نفسك ومع الناس، فتقبلك تعامل الناس معك هو أيضا أمر يبعثك على التحرر من أي ثقل أنت في غنى عنه
الانسان صاحب الوجهة الواضحة لا يهتم ولا يلقي بالا لكل ما يلهيه عن وجهته فأحراك أن يتوقف طويلا عند كل ما يمكن أن يصدر من الآخرين، أجل سيكون من الغباء فعل ذلك
يمكنك أن تبدأ تقبل معاملة الآخرين لك بشكل أفضل كلما أدركت أمرين أساسيين، الأول أن ما يقوم به الآخرون يعبر عنهم هم ووعيهم هم ولا شيء منه متعلق بك غير الجانب الذي يتحدث عن الأشياء التي لديك في عمقك أو ورثتها من تجاربك الماضية، فما يصدر منهم ليس عبثا بل رسالة لك لتعيد حساباتك من جديد، فلا انتظارات ولا توقعات ولا شيء يمكنك ان تلزم الآخرين به، وحدك أنت تستطيع أن تلزم نفسك بما شئت، وهذا فضلا عن أن لا أحد يملك النية السيئة حتى الذي يتقصد الشر فهو يغدي جوعه الداخلي ولا شيء قطعا متعلق بك أنت، باختصار المسألة لم تكن يوما ما شخصية
المراقبة والوعي
كل ذلك الذي سبق لا ينجح معك بدون أن تتعلم المراقبة والوعي باللحظة الآنية بدل الشرود بين دهاليز الماضي ومتاهات المستقبل الخفية عنك، لقد سبق الحديث عن هذا الموضوع في مقالات عديدة لي يمكنك العودة لها للمزيد من التفاصيل المملة
أتحدث عن المراقبة فقط، بدون تفاعل أو إصدار أحكام على ما يحدث في اللحظة الآنية، يتطلب هذا الأمر بعض المران لكنه يصير ممتعا مع الزمن
الامتنان للأقنعة والايكو والكل
أنت تلعب الكثير من الأدوار في داخلك وترتدي الكثير من الأقنعة التي تخفي الأنا الصافي الذي أنت هو، يحدث ذلك طبعا دونما وعي منك، وليس معنى هذا أن ذلك يحدث في الأمور السيئة التي تقوم بها فقط بل حتى الأعمال الخيرة التي تقوم بها قد تكون من عمل قناع من الأقنعة أو أنا من الأنوات التي بداخلك، وذلك ما يفسره حجم الألم الذي يسببه لك مثلا رحيل صديق عزيز أو تعرضك للإساءة من شخص تعتبر نفسك أنك لطالما كنت تحسن إليه وكان الأجدر أن يكون ممتنا لذلك
كان عنوان هاته الفقرة يتحدث عن الامتنان لكل تلك الأقنعة والأنوات الماضية لديك فلم؟
حسنا إنها ومثلما تم الحديث عنه كثيرا في مقالاتي السابقة مجرد قنوات تحاول جاهدة إعادتك للتصالح مع أناك الصافي ولتتحقق أنت المتصل بهذا الكون ومكونه سبحانه، إنها تفعل ذلك من خلال تكرار سيناريوهات معينة ومشاعر معينة في واقعك، كل ذلك لتنتبه ولو أننا في الغالب لا نفعل ذلك لأن أحدا لم يعلمنا ذلك في الفصول الدراسية
حضورك في الآن ووعيك بكل تلك المشاعر والتجارب أو السيناريوهات يفتح عينيك على ما يحدث حقا في واقعك، لكن ذلك يستدعي منك أمرا آخر لتتحرر من كل تلك العوائق الوهمية المتراكمة بداخلك
الامتنان لكل تلك الأقنعة برغم ما قد تبدوا عليه وما قد يكره منها إلا أنه يبقى قيمة عظيمة للتقبل وللتحرر من كل ذلك
يعتقد الكثيرون أن التقبل عملية مجردة من المشاعر وأقول عكس ذلك، بل هي عملية مليئة بالإمتنان المتزايد المستمر عبر الماضي وفي الحاضر وحتى المستقبل ولجميع مكونات اللحظة الآنية في كل تلك الأزمنة الوهمية
السماح بمرو الشعور
الحديث عن السماح برحيل تلك المشاعر ومرورها يكون ويسهل بوجود الامتنان الذي سبق الحديث عنه في الفقرة السابقة، والسماح بالرحيل هو عكس التمسك بالحالة الذي نمارسه في حياتنا بوعي أو بدونه، فهو يعني بكل بساطة مرور الحالة أو الشعور دونما مقاومة لها بذاتها أو مقاومة لرحيلها وأيضا وهذا مهم جدا السماح بتحقق الحالة الأفضل وتقبل حقها في التواجد خاصة وأنها هي الأصل وهي الحالة الوحيدة الحقيقية، ببساطة لأنك من خلالها تكون متصلا بالروح وليس بالإيكو
لا يمكنك أن تبدأ الحديث عن كونك أفضل في علاقاتك الإنسانية ما لم تبدأ في أن تكون أفضل مع ذاتك، وهذا هو ما حاولت إخبارك به من خلال هاته المقالة، فكل ما يحدث في واقعك وكل انفعالاتك تجاهه متعلقة بشكل كبير جدا بما أنت عليه في داخلك، آمل كثيرا أنك قد أمسكت بمربط الفرس، رحلة موفقة
