كيف اتعرف على الرغبات التخريبية لدي؟

التعرف على الرغبات التخريبية يتطلب وعيا ذاتيا عميقا وملاحظة الأنماط السلبية المتكررة، من خلال التأمل والتفكير الواعي وفهم الدوافع الخفية، يمكن التحرر منها واستبدالها بسلوكيات بناءة

هدوء
هدوء

المقدمة:

كثيرا ما تكون لدى الواحد منا رغبات مخادعة، بحيث تكون في الظاهر جيدة ورائعة بل وقد تظهر على أنها سامية، في حين أنها متشبعة بالفيروسات والمخططات التخريبية والمدمرة لحياتنا، وهذا ما يفسر حالة الحزن أو الكآبة الغير مفهومة التي نجد عليها أنفسنا ونحن الذين حققنا المستحيلات قبيل حين

إنها ليست مسألة هينة يمكن التعامل معا بتعميم وإنما تستحق حقا التشخيص العميق والاشتغال على الحالة الفردية بشكل مخصص، وإن كان من الجميل أنه ما زال بإمكاننا أن نتعرف على رغباتنا الهدامة والوعي بها وتقويمها أو التخلي عنها بعد ذلك والتحرر من كل ما يجليها في داخلنا، فإنه لا يمكن اعتبار بحال من الأحوال هذه المقالة حلا جذريا، لأن المسألة تتطلب تدخلا احترافيا، وتبقى هاته المقالة للمساعدة على الرفع من الوعي والتمكين من إدراك هذه الرغبات حتى لا يستمر استدراج الأنا لنا أطول وأكثر مما حدث

ليس فيها تدرج:

أول ما يمكن أن تلاحظه في الرغبات الهدامة هو أنه ليس فيها تدرج، وهنا نسجل حضور التسرع وليس السرعة، فالسرعة تتحقق من خلال التدرج ومن خلال ما يسمى بالتمرحل والذي تتحدث عنه نظرية وفلسفة الكايزن اليابانية، لقد سبق الحديث عنها في مقال مستقل والمقام هنا مقام حديث عن الرغبات التخريبية

وأما التسرع فهو يحدث حين تغيب عملية التدرج أو التمرحل، وهو لا يفضي لشيء سوى ارتكاب الأخطاء والأخطاء الفادحة والمكلفة

ليس فيها شعور بالاستحقاق:

غياب الشعور بالاستحقاق لدى صاحب الرغبة يجعله كالطاحونة الهوائية التي تدور رحاها على الفراغ فيظل يحتك حجرا الطحن فيها إلى أن يتلفا فلا يصيرا صالحين للطحن

لا شيء في الحقيقة يمنعك من أن تستحضر الشعور بالاستحقاق مهما كانت التجارب القاسية والغبية التي مررت بها، وذلك لأن الأمر هبة من الله الذي وهبك وسخر لك كل هذا الكون بكل مكوناته

مصدرها شعور بالحاجة والنقص أو أحد الرغبات الهدامة:

حين لا تكون رغباتك مجردة من الأنا المزيفة فهي بكل تأكيد رغبات تخريبية، لكن الحديث هنا عن الرغبات التي يكون مصدرها الشعور بالنقص والحاجة هو أمر متعمد لأنني من خلال دراستي للعديد من الحالات التي اشتغلت معها وجدت أن من بين أهم مصادر تعاستها هو تلك الرغبات التي تكون نواتها متشبعة بمشاعر الحاجة والنقص

فالأصل أن تكون هناك اختيارات ورغبات مجردة من كل ما يقوي سلطة الأنا المزيفة علينا، فلندرك جيدا أن من الأفضل لنا أن نمتلك نوايا ومقاصد أسمى من ذلك إذا كنا حقا نريد بأنفسنا خيرا

خاتمة:

من خلال الربط بين هذا المقال والمقال الذي سبق أن تحدثت فيه عن الرغبات الهدامة، تستشف أن مسألة العراقيل التي نعاني منها هي في الحقيقة حواجز وموانع داخلية، وما يحدث في الخارج ما هو الا انعكاس لوجودها في الداخل، لذلك فالتوصية بالعمل على الباطن ليست توصية جوفاء بقدر ما هي وصية حكيمة لكل أولئك الذين يحبون أن يلتقوا بالصفاء أو الروح لديهم