متى يكون المؤمن قويا؟
المؤمن القوي لا تفجعه الفواجع، بل يرى في كل تحدٍ فرصة للتطور والنمو، قوته لا تأتي فقط من إيمانه، بل من ثقته في نفسه وقدرته على التحمل، هو الشخص الذي يواجه الحياة بعزيمة، مستمدا من إيمانه قوة لا تقهر
الوعي الفائق
عبد النبي بكون
3/8/20251 min read


لن أبتدئ هذه المقالة عن هذا العالم المتغير والمتقلب وما يتطلبه هذا الأمر فلطالما كان كذلك، ولطالما كان هناك عاهر مستعد لتكدير الأجواء، ففي النهاية تحتمل هذه الحياة كل الاحتماليات، وإن كانت هناك احتمالية واحدة بعاهر يلعب دوره فلابد أن تكون مقابلها احتمالية لمتنور يقوم بدوره أيضا
أيها السادة، إن الموقف كما أسلفنا في المقالات السابقة لا يتطلب أكثر من الاصطفاف، وأيا كان المصطف فإن المرحلة تتطلب اليوم أكثر من أي وقت مضى أن يكون مؤمنا قويا برسالته صلبا كالسيف الشامي أمام التحديات والأزمات، وكالماء المتدفق لا يتراجع عن مقصده
سيكون من السهل جدا أيها السادة القول بأن الإنسان المؤمن القوي هو من يمتلك إرادة حديدية لا تعرف الانكسار، ورؤية واضحة تستمد من مدى إيمانه بالله والثقة التامة به في مساره في الحياة، لكني أعلم بأن هذا لا يمكن أن يكون مجرد ادعاء أو أمنية، فالإنسان المؤمن القوي هو من يعرف أن الإيمان ليس مجرد كلمات تتردد على الشفاه، بل قوة داخلية جبارة تدفع للعمل الصادق بالخطوات المناسبة وفق نية تتفق مع مشيئة الله
لقد تحدثنا أيها السادة عن أقوى أشكال الضعف في مقالة سابقة والذي هو الضعف أمام الله، ونلح هنا اليوم على أن المؤمن القوي سيسهم في خلق المزيد من احتمالات القوة وأشكال الحياة، وفي الآن نفسه فكلما اتسعت المساحة التي يغطيها أو ارتفعت تردداته فإن نماذج الظلام تفقد قوتها الوهمية وتبدأ تفنى حتى لكأنها تكاد تكون عدما تماما كحقيقتها
وفي المقابل يكرس الضعفاء الضعف في واقعهم وواقع غيرهم، وتتفق حالهم مع مشيئة القوى الظلامية لأجل إطفاء نور الوجود المبارك وجعل هذه التجربة تجربة ميؤوس منها لتتسع مساحة الخوف والحزن والقلق واليأس، وقد تبين من قبل كيف تتغدى الأنا على هذا الواقع وتستدرج صاحبها للإنكار، إنكار كل القوى والقدرات الكامنة والهبات الربانية والاحتمالات المباركة والأبشع هو إنكار ضمن كل ذلك فضل ربنا الله وكرمه
إننا وإن لم يتم التعامل معنا بالإكراه لأجل الاصطفاف والاستقامة على صراط النور مثلما تفعل الكيانات الظلامية المتسلطة اليوم أكثر من أي وقت مضى لأجل تحييد البشرية عن حقيقتها ودفعها لتبني نماذج مشوهة، فنحن أيها السادة نمتلك نفس القدرة والطاقة ونفس الإرادة ومثل ذلك نمتلك إمكانية توجيه بوصلتنا صوب النور أو الظلام، وهنا يتبين دور المؤمن القوي الذي رؤيته تتجاوز نزوة اللحظة وترى أبعد من الآن
إن ما سيجعل هذه التجربة تجربة فريدة أيضا هو الارتقاء إلى مستويات أعلى من الصدق مع الله أولا ثم مع الذات وتبين هل فعلا نريد ما نريد أم أننا ندعي؟
إن التمني مكلف والصمت في غير موضعه مكلف، وأحسن القول هو تبني موقف مقرون بالعمل لأجل التمكين للبشرية حتى تكون تجربتها هذه تجربة مباركة تعود نعمها على الكل، فالمؤمن القوي ليس جشعا خوانا ولا خوافا ولا حسودا ولا حقودا أيها السادة
أيها السادة، قضي الأمر الذي فيه تستفتيان، إن قوى الظلام ترى البشرية حين تكون على حقيقتها عقبة أمام جشعها وحاجتها للتسلط، فهل يعقل أن تصطف لجانب من غايته إطفاء نورك؟
مع تحيات: الكوتش بكون