ثلاث أنواع من التسامح عليك معرفتها
إن فهم هذه الأنواع يساعدك على التحرر من الأعباء العاطفية وبناء سلام داخلي حقيقي، سنكشف عن ثلاث أنواع من التسامح عليك معرفتها، وكيفية ممارستها لتحقيق توازن عاطفي وروحي أعمق
عبد النبي ربكون


مقدمة:
من الطبيعي والعادي جدا أن تحدث مطاحنات وحروب داخلية وتنتابنا مشاعر غير مرغوبة ومرفوضة، إذا كنا في حياتنا الخاصة والعامة في مواقف كثيرة لا نقوم بالمناسب سواء علمناه أم لم نعلمه، ونقوم بالأمر الغير مناسب علمناه أيضا أم لم نفعل
يشكل هذا الأمر عائقا كبيرا بينك وكل تلك الطمأنينة والسكينة التي تصبوا إليها
الأنا الصافي أو الصوت الداخلي لديك هو بوصلة تستشعر وتعلم اتجاهات الصواب والخطأ بوعي منك وبدونه، لذلك تجد مثل تلك المشاعر الغير مرغوبة التي تحدثنا عنها في بداية المقدمة
هنا حاولنا أن نغطي مساحة مهمة وقيمة والتي تتأثر بقوة من مثل تلك الممارسات التي تعود علينا بمثل تلك المشاعر الغير مرغوبة، بطبيعة الحال أتحدث عن علاقاتنا سواء مع أنفسنا أو مع الآخرين، لما لها من أهمية ولتأثيرها المباشر والغير مباشر على التناغم مع الأنا الصافي لدينا
مسامحة النفس:
وأول ما يمكن أن نعتني به هو علاقتنا مع أنفسنا، فنسامحها على كل العمل الصائب الذي كان يمكن أن نقوم به ولم نقم به، ونسامحها على العمل الخاطئ الذي كان يمكن أن نتفاداه ولم نفعل، فحتى حين يظهر أننا نتعمد تجنب الصواب وتقصد الخطأ فنحن حقيقة لا نتقصد ذلك أن الأمر متعلق بكل تلك البرمجيات التي تعرضنا لها وحتى تلك التي ورثنا في جيناتنا
بطبيعة الحال هذا ليس عذرا لنا نتحجج به، بل هو دعوة لتحمل مسؤوليتنا للاتصال بالفطرة التي نحن عليها حقا، لذلك لا مجال هنا لطرح مسألة الشعور بالذنب والحديث عنها وقد سبق ذلك في مقالات خاصة، لكن أيضا لا مجال لديك للمزيد من الهراء، فهو سؤال واحد له جواب بسيط، السؤال هو: ما الحل؟ والجواب البسيط هو تعلم أن تمارس التسامح، سامح نفسك وأكثر من ذلك محبة لها وامتنانا لها
إنها وسيلة وحل بسيط جدا وسهل التطبيق وما لك إلا أن تغتنمه حتى يتحقق الاتصال والتناغم مع الأنا الصافي، ولقد سبق الحديث كثيرا عن معنى ذلك في عدد من المقالات السابقة فلا داعي للحشو به هنا
مسامحة الناس:
كثيرا ما أوصى الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم بالعفو والصفح والمغفرة للناس وجعلهم في حل من كل المظالم التي لنا عليهم، وهو سبحانه الذي يقول: {والله يعلم وأنتم لا تعلمون}، إنها وحدها هاته الآية تكفي ليستيقظ الواحد منا، ويرمي عنه كل تلك الأثقال والأحمال التي نرهق بها أنفسنا ونثقل بها خطواتنا في الحياة
لا شيء يمكنك فعله بالتشبث بعدم المسامحة غير تغدية الأنا المزيفة، لكن المسامحة تمنحك الحرية والخفة، الخفة من كل المشاعر الغير مرغوبة والتحرر من أثقال لا جدوى منها، والتحرر من أمراض البدن، والسماح للروح بالتحليق بك وبعثك من جديد لحظة الاتصال بالأنا الصافي لديك
هنا لم أحاول الحديث عن مسامحة الناس وأهميتها من مناظير علماء الصحة والطاقة، بقدر ما تعمدت وضعك في ميزان الربح والخسارة لتدرك حقا كيف أنك تكبل كيانك اللامحدود وتكبح جماحه، وإني لأرجو العظيم الغفور الرحمن الرحيم أن يرحمك فترحم
طلب المسامحة من الآخرين:
أعلم من خلال التجربة الشخصية مع نفسي ومع الكثيرين الذين استفادوا من الاستشارات الخاصة أن هذا أمر في ظاهره شاق وعصيب على الأنفس ولو أنني أؤكد أيضا من خلال التجربة الشخصية أنه أمر عظيم ورائع، تلك المشاعر العارمة التي تعتريني لحظة التحرر من مظالم الناس المادية والمعنوية لا يمكن في الحقيقة وصفها ولا التعبير عنها
لكن بطبيعة الحال إذا كنت تجد أنك عاجز أو يبدوا أنك غير قادر على ذلك فلا بأس، إذ لا زال لديك الحل السهل والفعال والذي من أعظم ثماره أن ترى عجائب الله في خلقه حين تلين قلوبهم لك وليس أن تتحرر فقط من كل تلك الطاقات التي تقوضك
من خلال تقنيات التأمل وممارسة التشافي بطلب الصفح والمسامحة وإرسال طاقة الحب بالتأمل، فأنت تستطيع أن تحقق نفس النتائج التي تتحقق حين تطلب المسامحة من المعني بشكل مباشر
خاتمة:
ختاما أرجوا لك حياة مليئة بالسكينة والطمأنينة وبالعلاقات والصلات الداعمة وليمنحك اللطيف القوة والشجاعة لتتحرر أكثر إلى أن تجد جنتك الداخلية فتستمتع بها