كل ما يجب أن تعرفه عن القناعات المدمرة!
القناعات هي الأسس التي تشكل إدراكنا للحياة، لكنها قد تكون في بعض الأحيان عائقا ضخما يمنعنا من تحقيق النجاح والرفاهية. في هذه المقالة، سنكشف كيف تتشكل القناعات المدمرة، وكيف تؤثر على حياتنا
عبد النبي بكون


مقدمة:
أنا على يقين من أنك قد قرأت وسمعت كثيرا عن أنك أنت ما تفكر فيه وما تعتقده، لكنك لربما لم تفهم أن ذلك يحدث كنتيجة للقناعات التي اكتسبتها أو تكونت لديك عبر تجربتك في الحياة وحتى تلك الموروثة، ومن ثمار ذلك أيضا أن حياتك الحالية هي في الحقيقة محصلة لكل ذلك، كل القناعات لديك حول نفسك والمال والناس والمهنة والنجاح والحب والزواج وحتى في علاقتك مع الدين والله هي انعكاس لداخلك، وهو الداخل المليء بالبرمجيات المتنوعة والمختلفة المصادر
أهم مصادرها:
كما سبقت الإشارة لذلك في المقدمة فمصادر القناعات متنوعة ومختلفة مثلها مثل تأثيرها على واقعك، لكن يبقى من أكبر تلك المصادر وأكثرها تأثيرا على واقعك هو تلك التجارب الشخصية التي مررت بها منذ الطفولة، وأيضا اتخاذ قدوات في الحياة ونماذج خفية نحن غير واعين بها كالأبوين وما شابه ذلك إلى أن نصل لمسألة النجوم والأبطال المسوقين لنا إعلاميا
إضافة للدين المستغل فعملية التربية والتعليم مليئة بالرسائل والنعوت والمقارنات وغيرها من كل ما يكون المرء غير محصن تجاهه خاصة التجارب والمواقف ذات الحدة العاطفية
إنها بعض من مصادر عدة للقناعات يجدر الوعي وتحصين الجيل الصاعد كي يتوقف هذا النزيف والهدر في الطاقات الهائلة التي بين أيدينا
أين تكمن خطورة القناعات المدمرة؟
فضلا عن كونها ترسخت لدينا بدون وعي منا بل في غفلة منا فإن خطورتها تتجلى أيضا في صعوبة إدراك وجودها وإدراك تأثيرها علينا، ومجرد الاقتناع بالشيء يجعله من المسلمات وهذا مما لا ننتبه له، وبطبيعة الحال لا يمكننا فعل شيء حيال ما نحن غير منتبهين له
ليس هذا فحسب فعدم اليقظة الداخلية يساعد القناعات المدمرة على أن تشل حركتنا وعلى أن نظرتنا لأنفسنا وحتى الطريقة التي نشعر بها ونفكر ونتصرف بها
حسن النية في القناعات المدمرة:
لا أحد منا يتقصد بطبيعة الحال أدية نفسه من خلال هاته القناعات، بل هي تأتي مغلفة بالصدق وبحسن النية، إننا نعتقد جادين صادقين بها وأكرر دونما وعي منا بذلك
فمثلا حين يقول المرء: يجب أن أنجز كل المهام بدون أخطاء فهو هنا بالنسبة له يعبر عن الأمانة أو الإخلاص أو الصدق أو غير ذلك من القيم العليا أو المبادئ لديه، لكنه يغفل شيئا مهما هنا، وهو الطبيعة الخطاءة لدى البشرية
بطبيعة الحال لهاته القناعة تأثيرات قاسية على صاحبها حين يقع فيما يخالفها، كأن يشعر بالذنب واللوم وجلد الذات، وهاته لوحدها دوامة أو منزلق خطير
وحين يقول: يجب أن أنفذ كل شيء بنفسي فهو أيضا هنا يتحدث عن الاتقان والضبط و......، لكنه يفعل ذلك على حساب جوانب مهمة من حياته، فضلا عن كونه يهدر طاقة كان يمكن أن يستفيد منها في مواطن أكثر أهمية أو أكثر حساسية، وليس هذا فحسب بل هو يرفض طاقة مسخرة كان يمكنه الاستفادة منها وكل ما عليه هو الطلب
أيضا لما يقول المرء: يجب أن يحبني الناس ويعاملونني بشكل حسن فهو يفعل ذلك لأنه بالنسبة له يستحق ذلك منهم إن شئت قل كالاعتراف بالجميل منهم وربما غير ذلك، يرى أشياء قد لا يراها الآخرون لكنه أيضا لا يرى أهم شيء في العملية وهو أن معاملة الناس له بما يحب هو اختيارهم هم وليس قراره هو، والأهم من ذلك أنه هنا يغفل أن الذي يجب أن ينتبه له حقا إذا ما عامله بحب وإحسان أم لا هو نفسه
واشتراطه حين يقول: علي أن أحصل على ....... كي أشعر بالسعادة هو في الحقيقة مربط الفرس في الحكاية كلها، فنحن نستشعر حقا أننا نستحق السعادة لكننا نجعل لها شروطا فنخلط بين ما يمكن أن يكون نجاحا وما يمكن أن يكون سعادة، إذ الأول لتحقيق التوسع والتطور المستمر والمساهمة، بينما الثانية هي حقيقة عنصر امتنان للمولى سبحانه على الايجاد وعلى الوجود، وأنت حين تشترط الحصول لتشعر بالسعادة فأنت ترحب بالنكد، فلست دوما تحصل على ما تريد وإن حصل فالمتعة فيه زائلة، ثم وما يدريك أن الخير فيما تريد، وهذا على عكس استشعار السعادة في جميع الأحوال والمنازل ما استطعت لذلك سبيلا
خاتمة:
في الختام أود أن أدعوك للتشكيك، فقط شكك في الأشياء أو الأفكار أو القناعات والمعتقدات التي لديك أو ترد عليك لتحيى بسلام، فما أكثر المسلمات والحقائق التي كانت يوما ثابتة واليوم صارت خرافة فأحراك مجرد قناعات!