سلطان البصيرة
سلطان البصيرة أو القدرة على رؤية الحقيقة بوضوح، وتجاوز الضبابية التي تعيق فهمنا وإدراكنا العميق للواقع ووعينا بأبعاد التجربة البشرية، إنه الفهم الداخلي الذي يقودنا إلى تحقيق التناغم والسلام بكل حب
الوعي الفائق
3/8/20251 min read


أيها السادة، مرة أخرى سأكون مستفزا وسأبجل نفسي بقدر ما أستطيع بينما ألعب هذا الدور، لقد أصبحت المسألة أو المهزلة مثيرة للسخرية، ولأجل ذلك سأتحدث اليوم عن سلطان البصيرة فالعمى وأهله قد بغوا وأصابهم التلف، وهذا ليس بالأمر الغريب فالأعمى لا يستطيع أن يرى بأن نجاح الآخرين بشكل أو بآخر نجاح له بينما هو يصر على أنه تهديد لوجوده المشوه
إنني أعلم جيدا بأنه ليس من الحكمة إنكار هذا الأمر وفي الآن نفسه أفهم وأتفهم هؤلاء الملاعين وأتفهم حتى ميلهم للعمى وغايتي بهذه المقالة ليست هي التنكيل بهم إذ يكفيهم جحيمهم هذا، وإنما أريد أولئك الساعين في عالم النور ليروا إلى أي مدى يمكن أن يتمادى الأعمى في تقديس عماه فكيف لهم هم ألا يفعلوا سلطان البصيرة أيها السادة؟
إن القدرة على رؤية ما لا يرى واستقبال الحكمة الإلهية في كل موقف من مواقف هذه الحياة تأتي بالقبول بسلطان البصيرة كهبة إلهية، ويأتي هذا بتفعيل تلك اللمحة البعيدة التي تنير دربنا وتهدينا لمرسانا على المستويين المادي والروحي، فتفتح أمامنا عوالم الإمكانات والاحتمالات اللامتناهية خاصة على المستوى المادي، إن من لم يمكن لقدرة الخيال لديه ومن لم يفعل قدرته على الرؤية الشاملة والنهائية لبغيته يصعب أن يتمكن من رؤية ما لا يرى كي تتحول الرؤية إلى حقيقة ملموسة
الرؤية ليست مثلما قد يعتقد الكثيرون مجرد تصور لشكل ونموذج مستقبلي ما، بل هي مفتاح يتيح المجال لقوة البصيرة ويرفع من مستوى القدرة على رؤية ما لا يرى، إن هذه القدرة لا ترسم فقط خطوط وخارطة الطريق التي تقودنا نحو الهدف المنشود، صحيح بأن قوة البصيرة قدرة فطرية يمتاز بها القليلون بحيث يستطيعون رؤية المستقبل بوضوح وتحديد سبل تحقيقه، لكن الانفتاح عليها هو حق متاح للكل والكل يمكن أن يستقبل كل أشكال الإلهام التي تكفي لتجعل البغية المادية والروحية تتجليان في زمن أيسر وبشكل أيسر منه عما لو اكتفينا بالتركيز على المخطط المحسوب المحدود بوعينا القاصر
إن المجال هذا غير متاح للمستعجل المتسرع، لأن العجلة والاستعجال يعملان كآلية تشويش وليس كآلية تحفيز من الممكن بشكل كبير أن تسهم في انفتاح مستوى الوعي لدى المرء وإتاحة المجال لاستقبال ما لا يرى بعين الوعي القاصر، إن الثبات والصبر سلاحان ودرعان في الآن نفسه لا مثيل لهما، وبغيتنا عرضة لإشاعة اليأس وإعاقة السعي والأنا لن تدخر جهدا لأجل هذا، بل ويسعدها أن تكون سخية في تماديها
إن تجلي نسختنا الحقيقية وتحقيق الازدهار في هذه التجربة الأرضية يتوقفان على قدرتنا على الرؤية الواضحة وتفعيل سلطان البصيرة، والثبات الصلب المتين مع الصبر الجميل معادلة عادلة للنجاح وثمن زهيد يمكن دفعه لأجل بناء علاقة وطيدة مع الذات قبل الكون ومكوناته وأحراك تجلي النسخة المثالية والحقيقية منا