إنها أبسط مما نتخيل وأسرع فجاءة من البرق
في هذا المقال يتم ذكر الموت إكراما لرحل تركوا بصمتهم بكل بساطة ورحلوا بشكل هو عند الكثيرين غير بسيط، لكن وأيا يكن فقد رحلوا
عبد النبي بكون


هذه المقالة في ذكرى كل الأحبة الذين رحلوا لأرواحهم السلام
لما أنظر حل الموت فينا يستفزني أكثر ما يستفزني فينا سؤال على ما نقتل أنفسنا لأجل حياة نحن مغادريها أسرع ما يكون من البرق، وكأننا لم نستوعب المسألة وتركنا الجزء المقاوم منا يمسك بزمام الأمر وليفعل بنا الأفاعيل ويستدرجنا إلى ظلمات وظلم النفس، نفعل ذلك بأنفسنا بينما المسألة أبسط مما نتخيل إذ يكفي أن نختار الحياة التي نحب بعد أن نكون نحن ومن تم نسمح بالمد والمدد الإلهي فهذه التجربة ولتكون مثالية وموفقة تتطلب الكينونة الحقة والمعية الحقة
لقد تبين مما سبق من المقالات حقيقة وجودنا وكيف أننا في مهمة والاختيارات التي نقوم بها اليوم هي التي تحدد مصيرنا وتشكل طريقنا، وفي كل مرة نجد أمامنا تحديات وصعابا فكل ما علينا فعله هو تذكر أننا سنكون أسياد مصيرنا في كل مرة نستحضر حقيقتنا ومن ولينا في هذه الحقيقة وذلك حتى تنجح المهمة، إن ذلك هو ما يجعل لحظات الرحيل كيفما كان شكلها مجيدة
إذا لم لا نختار الحياة التي نحبها ببساطة؟
لأننا ألفنا ما ليس نحن وفقدنا إلى حد ما القدرة على الايمان بمن نحن ومن ولينا وما الذي يمكن أن نقوم به إذا ما أتحنا لأنفسنا الفرصة للتحقق، ألفنا المقاومة وألفنا المشقة حتى أصبح وجود اليسر عملية أو آلية معقدة بينما اليسر يعني اليسر وفقط، ولكن ولأننا ألفنا التعقيد لم نعد نقبل اليسر واستهوتنا الأنماط والأشكال الدرامية، مع العلم بأنه يكفينا أن نتخذ القرار المناسب لنخوض في رحلة لا تشبه أي رحلة أخرى وتتجاوز بكثير ما ألفناه وصدقنا بأنه هو الحياة، طبعا إنها رحلة من المحتمل بشكل ما أن تحمل في طياتها تحديات أكبر، ولكنها أيضا لا تحمل فرحا وبهجة فقط بل تتيح لنا الفرصة لنرى ما لم نكن نصدق إمكانية وجوده، إننا لا نكتشف فيها قوتنا وقدرتنا على التحمل والتكيف مع المواقف الصعبة، بل قدرتنا على خلق الاحتمالات الأفضل
إن ما يجعل هذه التجربة ذات قيمة هو مدى توافقنا مع المشيئة الإلهية حتى أن المدد الإلهي لا يصبح مطمعا للنزوة والجشع ولا السلطة والتسلط، بل عامل دعم وعناية ترافقنا في كل خطوة نخطيها بينما نلعب أدوارنا بكل حب، نحن نتألم لأن الانكماش على الذات يجعلنا ضعفاء ويتركنا بلا حول ولا قوة، بينما المعية الإلهية تأخذ بأيدينا وتوجهنا حتى نكون أكثر مناعة ونتجلى في نسختنا المثالية
القصد هنا هو أن المدد الإلهي حاصل لا محالة ولا شيء يمكن أن يحول بيننا وبينه كلما اخترنا الحياة ما كانت من حقنا على هيئتنا الحقة، وحتى إذا ما جاء الموت لم تهزمنا الحسرة على هذه التجربة