كيف أتصل بذاتي اللامحدودة؟
الاتصال بالذات اللامحدودة يتطلب الوعي العميق، والتحرر من القيود العقلية، والانفتاح على البعد الروحي، من خلال التأمل، والإصغاء للحدس والعيش بحضور كامل، يمكن الوصول إلى إمكانيات غير محدودة
عبد النبي بكون


يريد الانسان أن يكون دوما أفضل، وأن يكون راضيا عن ذاته، ويحب كثيرا أن يرحل عن هاته الحياة وقد ترك جميل الأثر، لكن ذلك لا يحدث من تلقاء نفسه، فجميع البرمجيات التي تعرضنا لها من مختلف المصادر سواء الآباء أو المدرسة أو المجتمع أو الاعلام لم تكن تعمل على تنميتنا وتقويتنا وتحصيننا، لقد قامت بما كانت تراه مناسبا أو لربما لم تنتبه لذلك، وهل كان حقا ذلك مناسبا؟
لا أظن ذلك لأنه لو كان كذلك حقا لكنا أكثر رضى وامتنانا الآن، وفي هاته المقالة لدينا أربعة أسس من خلال العمل عليها نبدأ بتثبيت أقدامنا في درب الاتصال مع ذاتنا اللامحدودة
المعية
مهما كان ما تؤمن به فإن استحضار روحك للمعية الإلهية والتوفيق الإلهي في كل وليس بعض حياتك، وفي كل ما تقوم به والبراءة من حولك وقوتك إلى حوله وقوته يمنحك القوة للاتصال بذاتك اللامحدودة وبكل هذا الكون المسخر لك بكل الخير لك ولكل مكوناته
يمكنك التمسك بكل ما تؤمن به من أفكار أو قناعات ومعتقدات لكنها إذا لم تكن تدعمك لتكون أفضل فأرى أنه من الحمق مواصلة التمسك بها بدل التسليم للمولى سبحانه واستحضار معيته
اليقين
يحتاج المرء لليقين للتقدم في شتى مجالات حياته وفي كل ما يصبوا إليه وإلا ستفعل به ويلات الشك والريبة فعلها، ولعل البدء بالمعية لم يكن عبثا، فاليقين وليد استشعار تلك المعية والتوفيق الإلهي، لكننا نميل كثيرا باتجاه ألعاب الإيكو التي يمارسها علينا للدخول في حالة الشرود العميق عن نياتنا
لعلك قد خبرت ما معنى أن يتسلل إليك الشك والارتياب ولعلك ذقت من مره كثيرا، لكنك ويا للأسف ما تزال تمارس نفس اللعبة وتشتكي لم لا يحدث جديد في واقعك، أحب أن أكون صريحا معك بقدر ما أحب الإبقاء على المودة بيننا لذا لا تنتظر مني أن أطبل لك وأزمر فقد سئمت المطبلين والمزمرين الذين يجيدون النفخ إلى أن تنفجر أوداجهم، وأنا اليوم أسعى للرفع من هذا اليقين ولا شيء يساعد على ذلك أكثر من قيادة الذات
قيادة الذات
يتعلق الامر بالسماح للروح بالحديث من خلالك ونزع القيادة من تحكم الإيكو وسيطرته التي لم تجلب على البشرية سوى الدمار، فالإنصات للصوت الداخلي أو الضمير أو سمه ما شئت يمنحك المزيد من قوة اليقين والمزيد أيضا من استشعار المعية الإلهية
إنها ليست أشياء مكلفة عليك القيام بها، فنحن مازلنا نعمل معا على عالمك الداخلي فقط، وكل ما نقوم به هنا هو توجيهك لتحسن التعامل مع هذا العالم الداخلي ليتحسن وليتطور عالمك الخارجي، لذا فإمساكك بزمام الأمر بدلا من السماح للإيكو بالتحكم في مسارك تعمل على تقوية صلتك بذاتك اللامحدودة التي لا تعترف بالمستحيل ولا بكل ما يمنعك من التحقق
الوعي:
تستطيع أن تقود ذاتك من خلال ممارسة الوعي أو حالة الحضور في الآن أو اللحظة الراهنة والانتباه لكل تلك الأفكار والمشاعر والسلوكيات التي تصدر منك، لقد تحدثت كثيرا في هاته المسألة في مقالات مختلفة وذلك راجع لمدى تأثيرها على واقع الكل وليس الفرد فقط
لا شيء يمنعك من أن تعيش وفق البرمجة التي تعرضت لها طيلة حياتك، لكن تأكد أنك حين تختار ذلك لا يعود من حقك التذمر والتشكي ولا العويل أو تمثيل مسرحية اللوم المملة، لكن احذر أن تفرح بهذا فأنت مسؤول عن وجودك وعن كونك جعلته يكون بلا قيمة وبلا معنى، ولا شيء يساعدك على أن تحيا حياة وليس أن تعيش حياة مثل ممارسة الحضور ومراقبة كل ما يدور بداخلك وخارجك وانفعالاتك حيال ذلك ثم تنصت أكثر للرسائل المحمولة إليك من كل ذلك
يمنحك الحضور القدرة على قيادة ذاتك واختيار ردود أفعالك حيالها بدل الانفعال
إلى هنا أكتفي بهذا القدر وأرجو أنك قد أدركت أن العظمة تكون بالاتصال بالذات اللامحدودة وليس الانفصال عنها، رحلة موفقة