ثلاثة عناصر تعيق عملية التسامح
التسامح هو مفتاح التحرر والسلام الداخلي، لكنه ليس دائمًا سهل التحقيق. هناك ثلاثة عناصر خفية تعيق قدرتنا على التسامح وتجعلنا عالقين في دوامة الألم والاستياء، ونستعرضها بالفصيل هنا
عبد النبي بكون


من خلال تجربتي الشخصية ومن خلال دراستي للعديد من الحالات التي عملت واشتغلت عليها وجدت أن أكثر ما يعيق عملية التسامح لدى الكثيرين هي ثلاث عناصر أساسية، والوعي بها والتحرر منها يساعد المرء كثيرا على التسامح والتحرر من كل الطاقات السلبية المتراكمة بدواخلنا، والتي هي حقيقة المسبب الأكبر للعديد من الأمراض العضوية والأزمات النفسية فضلا عن تأجيج المزيد من الأحقاد والصراعات في الأسرة والمجتمع، والعناية بموضوع التسامح هي ليست في سياق هل الآخر يستحق أن أسامحه ام لا؟ ولكن في سياق آخر وهو الذي يسأل: ألا أستحق أن أكون متحررا وأن أنعم بالعافية وأن أحيى الحياة التي أستحقها وأستمتع بها؟
أعتقد أن جوابك على هذا السؤال يدفع بك باتجاه البداية الصحيحة للتحر من كل ذلك الذي يؤذيك، والوعي بالعناصر الثلاثة التي تعيق عملية التسامح يسهل الأمر كثيرا، بحيث لا تبقى لك حجة في المماطلة
الضحية
لا يدرك الكثيرين أن لعب دور الضحية يؤثر بشكل قاس على الكثير من جوانب حياتهم وعناصرها، ويفقدهم القدرة على التطور والنمو، وليس ذلك وفقط بل القدرة على الإستمتاع بالحياة من خلال تحمل المسؤولية
وأحد أسوأ ثمار لعب دور الضحية هو عدم القدرة على التسامح، ذلك أن الذي يلعب دور الضحية يحمل الكثيرين مسؤولية كل ما يحدث له، وهو إسقاط وبرمجة خطيرة تبني لديه الإحساس والشعور بأن الآخر لا يستحق منه أبدا السماح والعفو والصفح، وكيف يستحق ذلك وهو المسؤول عن تدمير حياته وتأخيره!! ولعل الجواب الأبرز والقوي على هذا هو السؤال الذي طرح في المقدمة، لكن هناك أمر آخر، فالكف عن لعب دور الضحية وتحمل المسؤولية التي سبق منا الحديث عنها في مقالات سابقة يساعدك على التسامح والتحرر من كل مساجينك، واسمح لي أن أخبرك أنك مهما بقيت تلعب دور الضحية فلن تتقدم أبدا ولن تتحقق في شيء سوى الهراء، فالأمر إذا هنا يتعلق بحياتك العظيمة وليس بأخطاء الآخرين التي يمكن أن نصفها بالدنيئة، لكن هل يمكنني أن أسألك من سمح لما صدر من الآخرين أن يصدر، ومن الذي سمح لنفسه بالتفاعل مشاعريا ومن قبل ذلك الإنتباه لما صدر من هؤلاء الآخرين؟؟
إنه بلا شك أنت وهذا مضاف لأشياء أخرى أعمق سبق ذكرها في مواطن أخرى يمكن العودة إليها، لذا فالدعوة إلى تحمل المسؤولية بدل لعب أدوار الضحية المتعددة هي دعوة رحيمة بك أنت نفسك قبل الآخرين، كما الدعوة إلى التسامح رأفة بك أنت أيضا أولا ورحمة لك
المجتمع والأقربين
القبول بنفس تلك البرمجة التي برمج عليها المجتمع وعدم الوعي بها، هو واحد من معيقات التسامح الثلاثة، وإذا كنت حقا ممن يريد التحرر من كل مساجينه وحياة الحياة التي تستحقها فالوعي بهذا ومراقبته هو تحصين لك من كل تلك البرمجيات الخبيثة من أحقاد وغل وحسد وكره وبغضاء للذين فعلوا وقاموا بكذا.... وبكذا....، وكل تلك القصص التي تحكي الجور والظلم وتؤجج فيك نار الإنتقام الذي لربما تكون عاجزا عنه فتزيد أزمتك، مالك ولكل هاته الصراعات الداخلية التي تربك مسارات حياتك في الوقت الذي تطمح فيه أنت إلى أن تكون سعيدا فرحا بحياتك، لا شيء قطعا يلزمك بما تلزم به نفسك فيما يخص المجتمع وخاصة الأقربين فأنت غير ذي نفع للمجتمع والأقربين حين تكون معلولا
النظام التربوي العام
إضافة للذي سبق عن الأقربين والمجتمع يمكنك الإنتباه أيضا إلى الإعلام ومكوناته المختلفة وحتى النظم التعليمية التي تبرمجنا بعض الممارسات والسلوكيات والبرامج فيها على رفض التسامح ومقاومته، ولا أريد الإطالة هنا فهو لا يمكن أن يقال فيه أكثر مما قيل في العنصر الثاني من العناصر الثلاثة التي تعيق عملية التسامح أرجوا فقط أنك تنتبه لكل تلك البرمجيات وتعيها والأهم أن تنتبه لها وهي تعمل فيك فتدرك أنك لست على الفطرة ولا على الانا الصافي الذي أنت هو، رحلة مبارك لك